وَالشَّعِيرُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الشَّعِيرَ خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ) لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الِاقْتِيَاتِ، وَقِيلَ التَّمْرُ خَيْرٌ مِنْهُ (وَأَنَّ التَّمْرَ خَيْرٌ مِنْ الزَّبِيبِ) لِذَلِكَ أَيْضًا.
وَقِيلَ: الزَّبِيبُ خَيْرٌ مِنْهُ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالصَّوَابُ تَقْدِيمُ الشَّعِيرِ عَلَى الزَّبِيبِ أَيْ مَنْ تَرَدَّدَ فِيهِ لِلشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ كَتَرَدُّدِهِ فِي التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ. وَجَزَمَ بِتَقْدِيمِ التَّمْرِ عَلَى الشَّعِيرِ. وَقَدَّمَ الْبَغَوِيّ الشَّعِيرَ عَلَى التَّمْرِ فَعَبَّرَ عَنْ قَوْلَيْهِمَا وَعَنْ تَرَدُّدِ الْأَوَّلِ بِالْوَجْهَيْنِ (وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ قُوتٍ) وَاجِبٍ (وَعَنْ قَرِيبِهِ) أَوْ عَبْدِهِ (أَعْلَى مِنْهُ وَلَا يُبَعَّضُ الصَّاعُ) عَنْ وَاحِدٍ بِأَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ قُوتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَعْلَى مِنْ الْوَاجِبِ كَأَنْ وَجَبَ التَّمْرُ فَأَخْرَجَ نِصْفَ صَاعٍ مِنْهُ وَنِصْفًا مِنْ الْبُرِّ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَرَأَيْت لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ تَجْوِيزَهُ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ أَوَّلَ الْبَابِ فَرَضَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، وَلَوْ مَلَكَ نِصْفَيْنِ مِنْ عَبْدَيْنِ فَأَخْرَجَ نِصْفَ صَاعٍ عَنْ أَحَدِ النِّصْفَيْنِ مِنْ الْوَاجِبِ وَنِصْفًا عَنْ الثَّانِي مِنْ جِنْسٍ أَعْلَى مِنْهُ جَازَ، وَعَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَقْوَاتِ لَهُ إخْرَاجُهَا مِنْ جِنْسَيْنِ بِكُلِّ حَالٍ (وَلَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ أَقْوَاتٌ لَا غَالِبَ فِيهَا تَخَيَّرَ) بَيْنَهَا فَيُخْرِجُ مَا شَاءَ مِنْهَا (وَالْأَفْضَلُ أَشْرَفُهَا) أَيْ أَعْلَاهَا. وَهَذَا التَّعْبِيرُ مُوَافِقٌ لِتَعْبِيرِ الْمُحَرَّرِ فِيمَا تَقَدَّمَ بِغَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ (وَلَوْ كَانَ عَبْدُهُ بِبَلَدٍ آخَرَ فَالْأَصَحُّ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِقُوتِ بَلَدِ الْعَبْدِ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ، ثُمَّ يَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْمُؤَدِّي.
وَالثَّانِي الِاعْتِبَارُ بِقُوتِ بَلَدِ الْمَالِكِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدِّي عَنْ غَيْرِهِ (قُلْت: الْوَاجِبُ الْحَبُّ السَّلِيمُ) فَلَا يُجْزِئُ الْمُسَوِّسُ وَالْمَعِيبُ وَلَا الدَّقِيقُ وَالسَّوِيقُ. كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَلَوْ أَخْرَجَ مِنْ مَالِهِ فِطْرَةَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ الْغَنِيِّ جَازَ كَأَجْنَبِيٍّ أُذِنَ) فَيَجُوزُ إخْرَاجُهَا عَنْهُ (بِخِلَافِ الْكَبِيرِ) فَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِأَنَّ الْأَبَ لَا يَسْتَقِلُّ بِتَمْلِيكِهِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ فَكَأَنَّهُ مَلَّكَهُ فِطْرَتَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهَا عَنْهُ (وَلَوْ اشْتَرَكَ مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ فِي عَبْدٍ لَزِمَ
ـــــــــــــــــــــــــــــSنَظَرًا لِقِيَامِ الْبَدَنِ الْمُعْتَبَرِ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَبِزِيَادَةِ الِاقْتِيَاتِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ هُوَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى بَلَدٍ مُعَيَّنٍ. قَوْلُهُ: (فَالْبُرُّ) وَيَلِيهِ السُّلْتُ.
قَوْلُهُ: (أَنَّ الشَّعِيرَ خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ) وَيَلِيهِ الدُّخْنُ وَالذُّرَةُ فَهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُمَا فِي مَرْتَبَةِ الشَّعِيرِ أَيْ مِنْ حَيْثُ تَقْدِيمِهَا عَلَى مَا بَعْدَهُمَا. وَيَلِيهِمَا الْأَرُزُّ فَالْحِمَّصُ فَالْمَاشُّ فَالْعَدَسُ فَالْفُولُ فَالتَّمْرُ. قَوْلُهُ: (مِنْ الزَّبِيبِ) وَيَلِيهِ الْأَقِطُ فَاللَّبَنُ فَالْجُبْنُ. فَجُمْلَةُ مَرَاتِبِ الْأَقْوَاتِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مَرْتَبَةً مَرْمُوزٌ إلَيْهَا بِحُرُوفِ أَوَائِلِ كَلِمَاتِ الْبَيْتِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ نَظْمًا لِضَبْطِهَا:
بِاَللَّهِ سَلْ شَيْخَ ذِي رَمْزٍ حَكَى مَثَلًا ... عَنْ فَوْرِ تَرْكِ زَكَاةِ الْفِطْرِ لَوْ جَهِلَا
حُرُوفَ أَوَّلِهَا جَاءَتْ مَرْتَبَةُ ... أَسْمَاءِ قُوتِ زَكَاةِ الْفِطْرِ إنْ عَقَلَا
فَالْبَاءُ مِنْ بِاَللَّهِ لِلْبُرِّ، وَالسِّينُ مِنْ سَلْ لِلسُّلْتِ، وَالشِّينُ لِلشَّعِيرِ، وَالذَّالُ لِلذُّرَةِ وَمِنْهَا الدُّخْنُ، وَالرَّاءُ لِلرُّزِّ وَالْحَاءُ لِلْحِمَّصِ، وَالْمِيمُ لِلْمَاشِّ، وَالْعَيْنُ لِلْعَدَسِ، وَالْفَاءُ لِلْفُولِ، وَالتَّاءُ لِلتَّمْرِ، وَالزَّايُ لِلزَّبِيبِ، وَالْأَلِفُ لِلْأَقِطِ، وَاللَّامُ لِلْبُنِّ، وَالْجِيمُ لِلْجُبْنِ. وَهَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا لَكِنْ فِي كَلَامِ ابْنِ وَحْشِيَّةَ فِي الْفِلَاحَةِ مُخَالَفَةٌ لِبَعْضِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُبَعَّضُ الصَّاعُ) أَيْ مِنْ جِنْسَيْنِ عَنْ وَاحِدٍ، وَلَوْ مِنْ قُوتَيْنِ مُسْتَوِيَيْنِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِحِ إلَّا فِيمَا مَرَّ فِي الْمُخْتَلِطِ، وَيَجُوزُ مِنْ نَوْعَيْنِ.
قَوْلُهُ: (الْحَبُّ السَّلِيمُ) أَيْ وَلَوْ عَتِيقًا لَا قِيمَةَ لَهُ حَيْثُ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِطَعْمٍ وَلَا لَوْنٍ وَلَا رِيحٍ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُجْزِئُ الْمُسَوِّسُ) وَإِنْ كَانُوا يَقْتَاتُونَهُ، أَوْ بَلَغَ لُبُّهُ صَاعًا خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ. كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (وَلَدِهِ الصَّغِيرِ الْغَنِيِّ) وَمِثْلُهُ السَّفِيهُ وَالْمَجْنُونُ. قَوْلُهُ: (جَازَ) فَإِنْ قَصَدَ الرُّجُوعَ وَخَرَجَ بِوَلَدِهِ الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ فَلَا يُؤَدِّيَانِ مِنْ مَالِهِمَا إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ. قَوْلُهُ: (كَأَجْنَبِيٍّ أُذِنَ) وَمِنْهُ وَلَدُهُ الْكَبِيرُ وَلَا رُجُوعَ إلَّا بِشَرْطِهِ. قَوْلُهُ:
ـــــــــــــــــــــــــــــQزِيَادَةِ الِاقْتِيَاتِ الْآتِي كَأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: لِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهِ اعْتِبَارُ زِيَادَةِ الِاقْتِيَاتِ فِي الْأَكْثَرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَخَيَّرَ) أَيْ وَيُفَارِقُ تَعَيُّنَ الْأَغْبَطِ فِي اجْتِمَاعِ الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ، لِأَنَّ زَكَاةَ الْمَالِ مُتَعَلِّقَةٌ بِعَيْنِ الْمَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهَذَا التَّعْبِيرُ) يُؤَيِّدُ قَوْلَهُ لَا غَالِبَ فِيهَا تَخَيَّرَ حَيْثُ جَعَلَ التَّخْيِيرَ عِنْدَ عَدَمِ الْغَلَبَةِ، فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ الْغَلَبَةِ عِنْدَ وُجُودِهَا. قَوْلُهُ: (وَالْمَعِيبُ) مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مُتَغَيِّرَ الطَّعْمِ أَوْ