بِظُهُورِ مُقَابِلِهِ (وَإِلَّا فَالْمَشْهُورُ) الْمُشْعِرُ بِغَرَابَةِ مُقَابِلِهِ لِضَعْفِ مُدْرَكِهِ. (وَحَيْثُ أَقُولُ الْأَصَحُّ أَوْ الصَّحِيحُ فَمِنْ الْوَجْهَيْنِ أَوْ الْأَوْجُهِ) لِلْأَصْحَابِ يَسْتَخْرِجُونَهَا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (فَإِنْ قَوِيَ الْخِلَافُ قُلْت الْأَصَحُّ وَإِلَّا فَالصَّحِيحُ) وَلَمْ يُعَبِّرْ بِذَلِكَ فِي الْأَقْوَالِ تَأَدُّبًا مَعَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَمَا قَالَ، فَإِنَّ الصَّحِيحَ مِنْهُ مُشْعِرٌ بِفَسَادِ مُقَابِلِهِ. (وَحَيْثُ أَقُولُ الْمَذْهَبُ فَمِنْ الطَّرِيقَيْنِ أَوْ الطُّرُقِ) وَهِيَ اخْتِلَافُ الْأَصْحَابِ فِي حِكَايَةِ الْمَذْهَبِ كَأَنْ يَحْكِيَ بَعْضُهُمْ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ أَوْ وَجْهَيْنِ لِمَنْ تَقَدَّمَ، وَيَقْطَعَ بَعْضُهُمْ بِأَحَدِهِمَا ثُمَّ الرَّاجِحُ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ إمَّا طَرِيقُ الْقَطْعِ أَوْ الْمُوَافِقِ لَهَا مِنْ طَرِيقِ الْخِلَافِ أَوْ الْمُخَالِفِ لَهَا كَمَا سَيَظْهَرُ فِي الْمَسَائِلِ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ مُرَادَهُ الْأَوَّلُ وَأَنَّهُ الْأَغْلَبُ مَمْنُوعٌ (وَحَيْثُ أَقُولُ النَّصُّ فَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيَكُونُ هُنَاكَ) أَيْ مُقَابِلُهُ (وَجْهٌ ضَعِيفٌ أَوْ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ) مِنْ نَصٍّ لَهُ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ لَا يُعْمَلُ بِهِ.
(وَحَيْثُ أَقُولُ الْجَدِيدُ فَالْقَدِيمُ خِلَافُهُ أَوْ الْقَدِيمُ أَوْ فِي قَوْلٍ قَدِيمٍ فَالْجَدِيدُ خِلَافُهُ) . وَالْقَدِيمُ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
ـــــــــــــــــــــــــــــSثُمَّ مَا تَقَدَّمَ فِي الْأَقْوَالِ يَجْرِي فِي الْأَوْجُهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (يَسْتَخْرِجُونَهَا) أَيْ غَالِبًا مِنْ قَوَاعِدِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَضَوَابِطِهِ، وَقَدْ تَكُونُ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ كَلَامِهِ.
قَوْلُهُ: (كَمَا قَالَ) أَيْ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. قَوْلُهُ: (مِنْهُ) أَيْ التَّعْبِيرِ. قَوْلُهُ: (مُشْعِرٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ لَا أَنَّ مُقَابِلَهُ فَاسِدٌ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ لِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ الْعَمَلِ بِهِ وَاخْتُلِفَ فِي حُكْمِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْأَصَحِّ أَوْ الصَّحِيحِ أَيُّهُمَا أَقْوَى، فَقِيلَ: الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ جَرَى شَيْخُنَا لِزِيَادَةِ قُوَّتِهِ، وَقِيلَ: الثَّانِي لِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ الْمَقْطُوعِ بِهِ، وَعَلَيْهِ جَرَى بَعْضُهُمْ، وَهُوَ أَوَجْهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْأَظْهَرِ وَالْمَشْهُورِ.
قَوْلُهُ: (الْمَذْهَبُ إلَخْ) مِنْهُ يُعْلَمُ كَوْنُ الْخِلَافِ طُرُقًا، وَهُوَ الَّذِي الْتَزَمَهُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا سَبَقَ ثُمَّ إنْ أُرِيدَ بِمَرْتَبَةِ الْخِلَافِ أَرْجَحِيَّةُ الْمَذْكُورِ عَلَى مُقَابِلِهِ فَهِيَ مَعْلُومَةٌ أَيْضًا كَمَا مَرَّ، وَسَيُشِيرُ الشَّارِحُ إلَيْهَا، وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا كَوْنُ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ هُوَ الْأَظْهَرُ أَوْ الْمَشْهُورُ أَوْ الْأَصَحُّ أَوْ الصَّحِيحُ مَثَلًا فَهُوَ وَارِدٌ عَلَيْهِ. وَأَمَّا كَوْنُ الْخِلَافِ فِي الطُّرُقِ أَقْوَالًا أَوْ أَوْجُهًا، فَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَلْتَزِمْهُ فِيمَا سَبَقَ فَهُوَ غَيْرُ وَارِدٍ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ يَحْكِيَ) أَيْ يَجْزِمَ بِثُبُوتِ الْقَوْلَيْنِ مَثَلًا، وَيَقْطَعَ بَعْضُهُمْ أَيْ يَجْزِمَ بِثُبُوتِ أَحَدِهِمَا سَوَاءٌ نُفِيَ وُجُودُ الْآخَرِ مِنْ أَصْلِهِ، أَوْ نُفِيَ حُكْمُهُ بِحَمْلِهِ عَلَى غَيْرِ مَا يُفِيدُهُ حُكْمُ الْأَوَّلِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْحِكَايَةَ أَوْ الْجَزْمَ هُوَ الطَّرِيقُ، فَيَجْزِمَ عَطْفٌ عَلَى يَحْكِيَ، وَلَوْ قَالَ بِأَنْ يَحْكِيَ لَكَانَ أَوْلَى.
وَالِاخْتِلَافُ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى الْمُخَالِفِ. قَوْلُهُ: (وَمَا قِيلَ) أَيْ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَالْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ طَرِيقُ الْقَطْعِ، وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ ضَمِيرُ، وَأَنَّهُ الْأَغْلَبُ، ثُمَّ إنْ جَعَلْت هَذِهِ الْجُمْلَةَ حَالًا مِنْ الْأَوَّلِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ الْأَوَّلُ غَالِبًا فَهُوَ قَوْلٌ وَاحِدٌ، وَإِلَّا فَهُمَا قَوْلَانِ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ قِيلَ إنَّ طَرِيقَ الْقَطْعِ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ دَائِمًا. وَقِيلَ إنَّهُ مُرَادُهُ غَالِبًا، وَالْمَنْعُ مُنْصَبٌّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْوَجْهَيْنِ مِنْ الْحَاكِيَةِ، وَحِينَئِذٍ فَهَلْ هُوَ الْمُوَافِقُ لِطَرِيقِ الْقَطْعِ أَوْ الْمُخَالِفُ لَهُ؟
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ بِالْأَوَّلِ، وَخَالَفَهُمَا شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُوَافِقُهُ. قَوْلُهُ: (النَّصُّ) أَيْ هَذِهِ الصِّيغَةُ بِخُصُوصِهَا بِخِلَافِ لَفْظِ الْمَنْصُوصِ فَقَدْ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ النَّصِّ وَعَنْ الْقَوْلِ وَعَنْ الْوَجْهِ فَالْمُرَادُ بِهِ حِينَئِذٍ الرَّاجِحُ عِنْدَهُ.
قَوْلُهُ: (وَجْهٌ ضَعِيفٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُقَابِلًا لِلنَّصِّ سَوَاءٌ عَبَّرَ عَنْهُ بِالْأَصَحِّ أَوْ الصَّحِيحِ. قَوْلُهُ: (لَا يُعْمَلُ بِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ مُقَابَلَتُهُ لِلنَّصِّ، وَلَا يَجُوزُ نِسْبَتُهُ لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَّا مُقَيَّدًا. قَوْلُهُ: (أَوْ فِي قَوْلٍ قَدِيمٍ) أَيْ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ عَبَّرَ بِذَلِكَ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ لَمْ يُعَبِّرْ بِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالْعِرَاقِ) وَكَذَا بَعْدَهُ قَبْلَ دُخُولِ مِصْرَ، وَلَمْ يَسْتَقِرَّ رَأْيُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّحِيحَ مِنْهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ بِذَلِكَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَأَنْ يَحْكِيَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ مُسَمَّى الطَّرِيقَةِ نَفْسُ الْحِكَايَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَدْ جَعَلَهَا الشَّارِحُ اسْمًا لِلِاخْتِلَافِ اللَّازِمِ لِحِكَايَةِ الْأَصْحَابِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِمَنْ تَقَدَّمَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَجْهَيْنِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَإِنَّهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلْمُرَادِ، وَقَوْلُهُ: مَمْنُوعٌ مَنْعُ إرَادَتِهِ وَاضِحٌ، وَأَمَّا مَنْعُ أَغْلَبِيَّتِهِ فَمُقْتَضَاهُ إمَّا التَّسَاوِي وَهُوَ بَعِيدٌ وَإِمَّا أَغْلَبِيَّةُ الْمُوَافِقِ وَالْمُخَالِفِ، فَإِنْ أُرِيدَ أَحَدُهُمَا عَلَى التَّعْيِينِ فَمَمْنُوعٌ، وَإِنْ أُرِيدَ مَجْمُوعُهُمَا فَرُبَّمَا يَسْلَمُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لَا يُعْمَلُ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْقَوْلِ الْمُخَرَّجِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لَا يُعْمَلُ بِهِ) أَيْ غَالِبًا، وَيَجُوزُ نِسْبَتُهُ لِلْإِمَامِ.