وَأَخْصَرَ مِنْهُ بِعِبَارَاتٍ جَلِيَّاتٍ) أَيْ ظَاهِرَاتٍ فِي أَدَاءِ الْمُرَادِ، وَأَدْخَلَ الْبَاءَ بَعْدَ لَفْظِ الْإِبْدَالِ عَلَى الْمَأْتِيِّ بِهِ مُوَافَقَةً لِلِاسْتِعْمَالِ الْعُرْفِيِّ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمَعْرُوفِ لُغَةً مِنْ إدْخَالِهَا عَلَى الْمَتْرُوكِ نَحْوَ: أَبْدَلْت الْجَيِّدَ بِالرَّدِيءِ، أَيْ أَخَذْت الْجَيِّدَ بِالرَّدِيءِ.

(وَمِنْهَا بَيَانُ الْقَوْلَيْنِ وَالْوَجْهَيْنِ وَالطَّرِيقَيْنِ وَالنَّصِّ وَمَرَاتِبِ الْخِلَافِ) قُوَّةً وَضَعْفًا فِي الْمَسَائِلِ (فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ) بِخِلَافِ الْمُحَرَّرِ فَتَارَةً يُبَيِّنُ نَحْوَ أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ وَأَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ، وَتَارَةً لَا يُبَيِّنُ نَحْوَ الْأَصَحِّ وَالْأَظْهَرِ (فَحَيْثُ أَقُولُ فِي الْأَظْهَرِ أَوْ الْمَشْهُورِ فَمِنْ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالِ) لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (فَإِنْ قَوِيَ الْخِلَافُ) لِقُوَّةِ مُدْرَكِهِ (قُلْت الْأَظْهَرُ) الْمُشْعِرُ

ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّكْرَارِ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْإِبْدَالِ بِمَا ذُكِرَ دَلَالَتُهُ عَلَى الْمُرَادِ. قَوْلُهُ: (وَأَدْخَلَ إلَخْ) هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَقَدْ اشْتَبَهَ عَلَى الشَّارِحِ مَا فِي لَفْظِ بِغَيْرِهِ، فَقَدْ نَقَلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ إدْخَالَ الْبَاءِ عَلَى الْمَأْخُوذِ فِي حَيِّزِ الْإِبْدَالِ هُوَ الْأَفْصَحُ الْمَعْرُوفُ لُغَةً، وَعَكْسَهُ فِي حَيِّزِ التَّبَدُّلِ وَالِاسْتِبْدَالِ وَالتَّبْدِيلِ، قَالَ: وَمَحَلُّهُ فِي الْكُلِّ إنْ لَمْ يُذْكَرْ مَعَ الْمَأْخُوذِ وَالْمَتْرُوكِ غَيْرُهُمَا فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (بَيَانُ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ ذِكْرُ عِبَارَاتٍ يُعْلَمُ مِنْهَا أَنَّ الْخِلَافَ أَقْوَالٌ لِلْإِمَامِ أَوْ أَوْجُهٌ لِأَصْحَابِهِ أَوْ مُرَكَّبٌ مِنْهُمَا، وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَحَدَ عَشَرَ صِيغَةً وَهِيَ: الْأَظْهَرُ وَالْمَشْهُورُ وَالْقَدِيمُ وَالْجَدِيدُ، وَفِي قَوْلٍ وَفِي قَوْلٍ قَدِيمٍ، وَالْأَصَحُّ وَالصَّحِيحُ، وَقِيلَ: وَالنَّصُّ وَالْمَذْهَبُ وَالسِّتَّةُ الْأُوَلُ لِلْأَقْوَالِ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ السَّادِسَةُ مِنْهَا فِي كَلَامِهِ، وَالثَّلَاثَةُ بَعْدَهَا لِلْأَوْجُهِ، وَالْعَاشِرَةُ لِلْمُرَكَّبِ مِنْهُمَا يَقِينًا، وَالْأَخِيرَةُ مُحْتَمِلَةٌ لِلثَّلَاثَةِ، وَأَلْ فِي الْقَوْلَيْنِ وَاَللَّذَيْنِ بَعْدَهُ لِلْجِنْسِ كَمَا سَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: (الْخِلَافِ) بِمَعْنَى الْمُخَالِفِ. قَوْلُهُ: (قُوَّةً وَضَعْفًا) تَمْيِيزٌ لِمَرَاتِبَ بِاعْتِبَارِ الْمَجْمُوعِ لِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهَا فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَوْجُهِ فَقَطْ، فَإِنْ أَرَادَ بِالْمَرْتَبَةِ الرَّاجِحَ مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ فِي الْجَمِيعِ لَكِنْ لَا يُوَافِقُ كَلَامَهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَسَائِلِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْقَوْلَيْنِ وَمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (الْحَالَاتِ) أَيْ حَالَاتِ الْمَسَائِلِ فَهِيَ غَيْرُهَا خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ. قَوْلُهُ: (فَتَارَةً يُبَيِّنُ) أَيْ نَوْعَ الْخِلَافِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ، وَيَلْزَمُهُ بَيَانُ الْمَرْتَبَةِ لِأَنَّ بَيَانَ النَّوْعِ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَبَيَانَ الْمَرْتَبَةِ مِنْ الْمُضَافِ وَمِنْ غَيْرِ الْمُضَافِ، وَالشَّارِحُ لَمْ يَنْظُرْ لِلْمَرْتَبَةِ، وَيَلْزَمُهُ قُصُورٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَعَ صَرَاحَتِهِ بِالْمَرْتَبَةِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَظْهَرِ) لَوْ أَسْقَطَ الْجَارَّ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ لَكَانَ أَوْلَى.

قَوْلُهُ (لِقُوَّةِ مُدْرَكِهِ) قُوَّةُ الْمُدْرَكِ وَضَعْفُهُ رَاجِعٌ لِلدَّلِيلِ الَّذِي اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَدْ لَا نَعْلَمُهُ وَإِنَّمَا يُعْلَمُ الرَّاجِحُ بِأُمُورٍ كَالنَّصِّ عَلَى أَرْجَحِيَّتِهِ فَالْعِلْمُ بِتَأَخُّرِهِ، فَالتَّفْرِيعُ عَلَيْهِ فَالنَّصُّ عَلَى فَسَادِ مُقَابِلِهِ فَإِفْرَادُهُ فِي مَحَلٍّ أَوْ فِي جَوَابٍ فَمُوَافَقَتُهُ لِمَذْهَبِ مُجْتَهِدٍ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مُرَجِّحٌ فَلِلْمُقَلِّدِ أَنْ يَعْمَلَ بِأَيِّ الْقَوْلَيْنِ شَاءَ، وَيَجُوزُ الْعَمَلُ بِالْمَرْجُوحِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لَا فِي الْإِفْتَاءِ وَالْقَضَاءِ إذَا لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ مُتَنَاقِضَيْنِ كَحِلٍّ وَحُرْمَةٍ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيَجُوزُ تَقْلِيدُ بَقِيَّةِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَكَذَا غَيْرُهُمْ مَا لَمْ يَلْزَمْ تَلْفِيقٌ لَمْ يَقُلْ بِهِ وَاحِدٌ، كَمَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ مَعَ نَجَاسَةٍ كَلْبِيَّةٍ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، وَمَا لَمْ يَتَّبِعْ الرُّخْصَ بِحَيْثُ تَنْحَلُّ رِبْقَةُ التَّكْلِيفِ مِنْ عُنُقِهِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَثِمَ.

قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَا يَفْسُقُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:

وَجَازَ تَقْلِيدٌ لِغَيْرِ الْأَرْبَعَهْ ... فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَفِي هَذَا سَعَهْ

لَا فِي قَضَاءٍ مَعَ إفْتَاءٍ ذُكِرْ ... هَذَا عَنْ السُّبْكِيّ الْإِمَامِ الْمُشْتَهِرْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَتْنِ (غَرِيبًا) حَالٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ مَوْقِعًا فِي الْوَهْمِ) يُرِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَهْمِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الِاحْتِمَالَ الرَّاجِحَ وَالْمَرْجُوحَ وَالْمُسَاوِيَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ الذِّهْنِ) الْأَحْسَنُ الْإِتْيَانُ بِيَعْنِي، وَالْمُرَادُ بِالذِّهْنِ النَّفْسُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (خِلَافَ الصَّوَابِ) أَيْ مُخَالِفَهُ أَيْ فِي اعْتِقَادِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ الْإِتْيَانَ) تَفْسِيرٌ لِلْإِبْدَالِ، وَأَخَّرَهُ لِيَرْتَبِطَ بِالْبَدَلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَوْضَحَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ إيضَاحٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِعِبَارَاتٍ جَلِيَّاتٍ) الْبَاءُ إمَّا سَبَبِيَّةٌ أَوْ لِلْمُلَابَسَةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ ظَاهِرَاتٍ) أَيْ بَيِّنَاتٍ لَا مُقَابِلِ النَّصِّ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (مِنْ إدْخَالِهَا) بَيَانٌ لِلْمَعْرُوفِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْقَوْلَيْنِ) أَوْ الْأَقْوَالِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ وَالْوَجْهَيْنِ، أَيْ أَوْ الْأَوْجُهِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ وَالطَّرِيقَيْنِ، أَيْ أَوْ الطُّرُقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالنَّصِّ) هُوَ قَوْلٌ مَخْصُوصٌ بِاعْتِبَارِ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ قَوْلٍ مُخَرَّجٍ أَوْ وَجْهٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَرَاتِبِ الْخِلَافِ) أَيْ الْمُخَالِفِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فِي الْمَسَائِلِ) الظَّاهِرُ أَنَّ سَائِرَ مَا مَرَّ تَنَازَعَ فِيهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ) يَعْنِي الْمَسَائِلَ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا ذَلِكَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فَتَارَةً يُبَيِّنُ) أَيْ النَّوْعَ فَقَطْ وَقَوْلُهُ، وَتَارَةً لَا يُبَيِّنُ أَيْ النَّوْعَ فَقَطْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ قَوِيَ الْخِلَافُ) أَيْ الْمُخَالِفُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت إلَخْ) أَيْ فِيمَا أُرِيدُ تَرْجِيحَهُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (فَإِنْ قَوِيَ الْخِلَافُ إلَخْ) لَمْ يَزِدْ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - نَظِيرَ مَا سَلَفَ إحَالَةً عَلَى مَا سَلَفَ. قَوْلُ الشَّارِحِ (فَإِنَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015