كَانَ بَعْضُ نِصَابٍ لَمْ يَجِبْ قِسْطُهُ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي يَجِبُ فَفِي عِشْرِينَ شَاةٍ شَاةٌ وَفِي مِائَةِ دِرْهَمٍ خَمْسَةٌ (ثُمَّ الْمَأْخُوذُ جِزْيَةٌ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ مَالِ مَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ) كَالْمَرْأَةِ، وَالصَّبِيِّ وَيُزَادُ عَلَى الضِّعْفِ إنْ لَمْ يَفِ بِدِينَارٍ عَنْ كُلِّ رَأْسٍ إلَى أَنْ يَفِيَ بِهِ وَيَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى قَدْرِ الزَّكَاةِ وَنِصْفِهَا إذَا وَفَّى بِالدِّينَارِ. .
فَصْلٌ (يَلْزَمُنَا الْكَفُّ عَنْهُمْ) بِأَنْ لَا نَتَعَرَّضَ لَهُمْ نَفْسًا وَمَالًا (وَضَمَانُ مَا نُتْلِفُهُ عَلَيْهِمْ نَفْسًا وَمَالًا) أَيْ يَضْمَنُهُ الْمُتْلِفُ مِنَّا (وَدَفْعُ أَهْلِ الْحَرْبِ عَنْهُمْ) كَائِنِينَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ مُنْفَرِدِينَ بِبَلَدٍ (وَقِيلَ: إنْ انْفَرَدُوا بِبَلَدٍ لَمْ يَلْزَمْنَا الدَّفْعُ) عَنْهُمْ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَقْيِيدُ الْبَلَدِ بِجِوَارِ الدَّارِ أَيْ دَارِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْتَوْطِنُونَ دَارَ الْحَرْبِ وَبَذَلُوا الْجِزْيَةَ لَا يَلْزَمُنَا الدَّفْعُ عَنْهُمْ جَزْمًا
(وَنَمْنَعُهُمْ إحْدَاثَ كَنِيسَةٍ) وَبَيْعَةٍ (فِي بَلَدٍ أَحْدَثْنَاهُ) كَبَغْدَادَ
ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّ الْجُبْرَانَ يُؤْخَذُ عَنْ الْأَصْلِ وَعَنْ التَّضْعِيفِ، وَبِهِ صَرَّحَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ فَالْمُرَادُ بِمَنْعِ تَضْعِيفِ الْجُبْرَانِ مَنْعُ تَكْرَارِهِ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ.
تَنْبِيهٌ: الْخِيرَةُ فِي الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ هُنَا لِلْإِمَامِ، وَلَوْ بِنَائِبِهِ لَا لِلْمَالِكِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَوْلُهُ (لَمْ يَجِبْ قِسْطُهُ) أَيْ قَدْرُ قِسْطِهِ وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ فِي الْوَقْصِ وَلَا فِي مَالٍ غَيْرِ زَكَوِيٍّ كَالْعَوَامِلِ وَالْمَعْلُوفَةِ، وَيُعْتَبَرُ النِّصَابُ جَمِيعَ الْحَوْلِ. نَعَمْ لَوْ تَمَّ الْحَوْلُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَالٌ بِزَكِيٍّ أُخِذَتْ الْجِزْيَةُ مِنْ بَقِيَّةِ أَمْوَالِهِ، قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْمَأْخُوذُ جِزْيَةٌ) فَيُصْرَفُ كُلُّهُ مَصْرِفَهَا، وَلِذَلِكَ قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ حَمْقَى أَبَوْا الِاسْمَ وَرَضَوْا بِالْمَعْنَى، قَوْلُهُ: (كَالْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ) فَلَا تُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِمَا خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ فِي الْأَخْذِ مِنْهُمَا، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ فِي الْأَخْذِ مِنْ الْمَرْأَةِ فَقَطْ.
فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ أَحْكَامِ عَقْدِ الْجِزْيَةِ مِمَّا يُطْلَبُ مِنَّا لَهُمْ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ يَمْتَنِعُ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: (يَلْزَمُنَا) بِعَقْدِ الْجِزْيَةِ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ، قَوْلُهُ: (الْكَفُّ عَنْهُمْ) سَوَاءٌ كَانُوا بِدَارِنَا أَمْ لَا، قَوْلُهُ: (نَفْسًا وَمَالًا) وَعِرْضًا وَسَائِرَ مَا يُقِرُّونَ عَلَيْهِ كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ لَمْ يُظْهِرُوهُمَا. قَوْلُهُ: (وَضَمَانُ مَا نُتْلِفُهُ عَلَيْهِمْ) رَوَى أَبُو دَاوُد حَدِيثًا حَسَّنَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَلَفْظُهُ «أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهَدًا أَوْ انْتَقَصَهُ حَقَّهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . اهـ قَالُوا وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلزَّجْرِ عَنْ التَّعَرُّضِ لَهُمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَيَكُونُ حِكْمَتُهُ صَوْنَ أُمَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ تَوَهُّمِ نَقْصِ مَقَامِهِمْ النَّاشِئِ عَنْ مُسَاوَاتِهِمْ لِلْكُفَّارِ فِي قِيَامِهِمْ مَعَهُمْ فِي مَوْقِفِ الْمُخَاصَمَةِ، وَهَذَا مَعْلُومُ الِانْتِفَاءِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُقَالُ مُخَاصَمَتُهُ عَنْ الْكَافِرِ إنْ لَمْ تَكُنْ بِإِذْنِهِ فَهُوَ فُضُولِيٌّ أَوْ كَانَتْ بِإِذْنِهِ فَهُوَ وَكِيلٌ عَنْهُ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يُنَاسِبُ مَقَامَهُ الشَّرِيفَ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّ ذَلِكَ مِنْ الْخَيَالِ الْفَاسِدِ، لِأَنَّ الْحَاكِمَ نَائِبُ الْغَائِبِينَ فِي حُقُوقِهِمْ، وَلَا يُقَالُ فِيهِ إنَّهُ فُضُولِيٌّ وَلِأَنَّ فِي مُخَاصَمَتِهِ الْمَذْكُورَةِ أَوْضَحُ دَلِيلٍ وَأَقْوَى شَاهِدٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَاعِي أُمَّتَهُ فِي أَخْذِ حَقِّ عَدَدِهِمْ مِنْهُمْ، وَلَوْ بِغَيْرِ سُؤَالِهِ وَلِأَنَّ فِيهِ تَنْبِيهًا لِلْكَافِرِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَحَاشَى عَنْ طَلَبِ حَقِّهِ خَشْيَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرَاعِي أُمَّتَهُ عَدَمَ أَخْذِهِ مِنْهُمْ، وَنَحْوُ ذَلِكَ وَلَيْسَ فِي وَكَالَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْكَافِرِ تَوَهُّمُ نَقْصٍ فِي مَقَامِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فَافْهَمْ وَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَدَفْعُ أَهْلِ الْحَرْبِ عَنْهُمْ) وَكَذَا غَيْرُهُمْ مِنْ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فَلَوْ أَطْلَقَ الدَّفْعَ كَانَ أَوْلَى وَأَعَمَّ وَلَوْ شَرَطَ عَدَمَ الدَّفْعِ فَسَدَ الْعَقْدَانِ كَانُوا بِدَارِنَا أَوْ بِمَحِلٍّ لَوْ قَصَدَهُمْ عَدُوُّهُمْ مَرَّ عَلَيْنَا وَإِلَّا فَلَا وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمْ مُدَّةَ عَدَمِ الدَّفْعِ حَيْثُ وَجَبَ، قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (لَا يَلْزَمُنَا الدَّفْعُ عَنْهُمْ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مُسْلِمٌ وَلَوْ أَسِيرًا إلَّا وَجَبَ الدَّفْعُ عَنْهُ وَعَنْهُمْ لِأَجْلِهِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُنْسَبُ إقَامَتُهُ فِيهِ عُرْفًا وَهَذَا الْمُرَادُ بِجِوَارِ بَلَدِهِمْ لَنَا.
قَوْلُهُ: (فِي بَلَدٍ أَحْدَثْنَاهُ) أَيْ وُجِدَتْ عِمَارَتُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ اسْتِيلَائِهِمْ عَلَى مَحِلِّهِ، قَوْلُهُ: (كَبَغْدَادَ) وَالْقَاهِرَةِ وَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ لِأَنَّ بَغْدَادَ بَنَاهَا أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، وَالْقَاهِرَةُ بَنَاهَا الْمُعِزُّ فِي سَنَةِ تِسْعٍ أَوْ ثَمَانِ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَالْبَصْرَةُ بَنَاهَا عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَالْكُوفَةُ بَنَاهَا عُتْبَةُ الْمَذْكُورُ بَعْدَهَا بِسَنَتَيْنِ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَهُدِمَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَثَلَاثِينَ بَدَلًا عَنْ بِنْتَيْ اللَّبُونِ لَمْ يُضَعِّفْ لَهُ الْجُبْرَانَ قَطْعًا وَقَوْلُ الشَّارِحِ بَدَلٌ إلَخْ. دَفْعٌ لِمَا عَسَاهُ يُقَالُ عِبَارَتُهُ تَقْتَضِي أَنَّ بِنْتَيْ الْمَخَاضِ تَجِبَانِ عَيْنًا مَعَ الْجُبْرَانِ وَهُوَ لَا يَكُونُ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ بَعْضَ نِصَابٍ إلَخْ) . أَيْ لِأَنَّ الْأَثَرَ عَنْ عُمَرَ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) . لَوْ كَانَ مَالِكًا لِمَا دُونَ النِّصَابِ فَهَلْ يَجْرِي فِيهِ ذَلِكَ تَرَدَّدَ فِيهِ ابْنُ أَبِي الدَّمِ، وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ نِصْفُ شَاةٍ بِالْخُلْطَةِ أُضْعِفَتْ بِلَا خِلَافٍ.
فَصْلٌ يَلْزَمُنَا الْكَفُّ عَنْهُمْ نَفْسًا وَمَالًا فِيهِ الْحَذْفُ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي وَهُوَ ضَعِيفٌ
قَوْلُهُ: (وَنَمْنَعُهُمْ إحْدَاثَ كَنِيسَةٍ) وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ قَوْلُهُ: (وَلَهُمْ إلَخْ) قَالَ الشَّافِعِيُّ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَكْبَرَ مِنْ الشِّرْكِ.