(أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ) كَالْيَمَنِ وَمَا يُوجَدُ فِي الْأَوَّلِ لَا يُنْقَضُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ فِي قَرْيَةٍ أَوْ بَرِّيَّةٍ فَاتَّصَلَ بِهِ عِمَارَةُ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ عُرِفَ إحْدَاثُ شَيْءٍ نُقِضَ (وَمَا فُتِحَ عَنْوَةً لَا يُحْدِثُونَهَا فِيهِ وَلَا يُقِرُّونَ عَلَى كَنِيسَةٍ كَانَتْ فِيهِ فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي يَقْرَءُونَ بِالْمَصْلَحَةِ (أَوْ) فُتِحَ (صُلْحًا بِشَرْطِ الْأَرْضِ لَنَا وَشَرْطِ إسْكَانِهِمْ) بِخَرَاجٍ (وَإِبْقَاءِ الْكَنَائِسِ) وَالْبِيَعِ (جَازَ) وَإِنْ ذَكَرُوا إحْدَاثَهَا جَازَ أَيْضًا (وَإِنْ أُطْلِقَ) أَيْ لَمْ يُشْرَطْ إبْقَاؤُهَا (فَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ) مِنْهُ وَالثَّانِي لَا وَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ بِقَرِينَةِ الْحَالِ لِحَاجَتِهِمْ إلَيْهَا فِي عِبَادَتِهِمْ (أَوْ) بِشَرْطِ الْأَرْضِ (لَهُمْ) وَيُؤَدُّونَ الْخَرَاجَ (قُرِّرَتْ وَلَهُمْ الْإِحْدَاثُ) أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّ الْبَلَدَ تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ.
(وَيُمْنَعُونَ وُجُوبًا وَقِيلَ: نَدْبًا مِنْ رَفْعِ بِنَاءً عَلَى بِنَاءِ جَارٍ مُسْلِمٍ) وَإِنْ رَضِيَ لِحَقِّ الْإِسْلَامِ (وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ مِنْ الْمُسَاوَاةِ) أَيْضًا لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْبِنَاءَيْنِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا بِمَحَلَّةٍ مُنْفَصِلَةٍ) عَنْ الْعِمَارَةِ (لَمْ يُمْنَعُوا) مِنْ رَفْعِ الْبِنَاءِ وَالثَّانِي يُمْنَعُونَ مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّجَمُّلِ وَالشَّرَفِ
(وَيُمْنَعُ الذِّمِّيُّ رُكُوبَ خَيْلٍ) لِأَنَّ فِيهِ عِزًّا وَاسْتَثْنَى الْجُوَيْنِيُّ الْبَرَاذِينَ الْخَسِيسَةَ (لَا حَمِيرَ وَبِغَالَ نَفِيسَةً) وَقِيلَ: يُمْنَعُ رُكُوبَ الْبِغَالِ النَّفِيسَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّجَمُّلِ (وَيَرْكَبُ بِإِكَافٍ وَرِكَابٍ خَشَبٍ لَا حَدِيدٍ وَلَا سَرْجٍ) تَمْيِيزًا لَهُ عَنْ الْمُسْلِمِ وَالْإِكَافُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ يُطْلَقُ عَلَى الْبَرْذعَةِ وَنَحْوِهَا (وَيُلْجَأُ إلَى أَضْيَقِ الطُّرُقِ) عِنْدَ زَحْمَةِ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ بِحَيْثُ لَا يَقَعُ فِي وَهْدَةٍ وَلَا يَصْدِمُهُ جِدَارٌ. رَوَى الشَّيْخَانِ حَدِيثَ «إذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ أَيْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إلَى أَضْيَقِهِ» .
(وَلَا يُوَقَّرُ وَلَا يُصَدَّرُ فِي مَجْلِسٍ) فِيهِ مُسْلِمُونَ (وَيُؤْمَرُ بِالْغِيَارِ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ (وَالزُّنَّارِ) بِضَمِّ الزَّايِ (فَوْقَ الثِّيَابِ) ، وَالْأَوَّلُ مَا يُخَالِفُ لَوْنُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSذَلِكَ الْبِنَاءُ قَبْلَ نَقْضِهِمْ الْعَهْدَ كَمَا فِي الْعُبَابِ، وَيُبْنَى وَلَوْ قَبْلَ بُلُوغِهِمْ مَأْمَنُهُمْ وَالصُّلْحُ عَلَى إحْدَاثِ ذَلِكَ بَاطِلٌ، وَالْكَنِيسَةُ مَعْبَدُ الْيَهُودِ وَالْبِيعَةُ مَعْبَدُ النَّصَارَى، وَقَدْ انْعَكَسَ الْعُرْفُ فِيهِمَا وَالْكَلَامُ هُنَا، وَمَا يَأْتِي فِيمَا لَيْسَ لِنَحْوِ نُزُولِ الْمَارَّةِ، قَوْلُهُ: (أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ) كُلُّهُمْ أَوْ الْمُعْتَبَرُ مِنْهُمْ، قَوْلُهُ: (كَالْيَمَنِ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْمَدِينَةِ وَهُوَ مِثَالٌ لِمَا أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْإِسْلَامُ وَإِلَّا فَهُمْ مَمْنُوعُونَ مِنْ الْحِجَازِ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (وَمَا يُوجَدُ فِي الْأَوَّلِ) وَفِي الثَّانِي بِالْأَوْلَى لَا يُنْقَضُ إلَّا إنْ عُرِفَ أَيْضًا، قَوْلُهُ: (وَمَا فُتِحَ عَنْوَةً) كَمِصْرِ وَأَصْبَهَانَ وَالْمَغْرِبِ وَمِثْلُهُ مَا فُتِحَ صُلْحًا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ شَرْطِ كَوْنِ الْأَرْضِ لَنَا أَوْ لَهُمْ أَوْ بِشَرْطِ كَوْنِ الْأَرْضِ لَنَا مَعَ السُّكُوتِ عَنْ إحْدَاثٍ، وَإِبْقَاءٍ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ الْإِحْدَاثُ وَلَا يُقَرُّ عَلَى الْمَوْجُودِ، قَوْلُهُ: (جَازَ) أَيْ الْإِحْدَاثُ وَالْإِبْقَاءُ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِشَرْطِ وُجُودِ ضَرُورَةٍ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ، قَوْلُهُ: (أَيْ لَمْ يُشْتَرَطْ إبْقَاؤُهَا) وَكَذَا إحْدَاثُهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ لِمُرَاعَاةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ) أَيْ مِنْ الْإِبْقَاءِ وَمِنْ الْإِحْدَاثِ بِالْأَوْلَى كَمَا مَرَّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِبْقَاءُ وَلَا الْإِحْدَاثُ إلَّا فِيمَا فُتِحَ صُلْحًا بِشَرْطِ كَوْنِ الْأَرْضِ لَهُمْ مُطْلَقًا، أَوْ لَنَا مَعَ شَرْطِ ذَلِكَ.
فَرْعٌ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَإِذَا حَرُمَ إبْقَاؤُهَا أَوْ إحْدَاثُهَا لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْنَا دُخُولُهَا بِغَيْرِ إذْنِهِمْ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْبِنَاءَ مِلْكٌ لَهُمْ، وَاسْتِعْمَالُهُ حَرَامٌ فَإِنَّ حَمْلَ عَدَمِ الْحُرْمَةِ عَلَى جَوَازِ اشْتِغَالِ الْأَرْضِ الَّتِي لَيْسَ عَلَيْهَا نَحْوُ بَلَاطٍ لَهُمْ فَوَاضِحٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (قُرِّرَتْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَوَازِ الْمَذْكُورِ إقْرَارُهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ الْمَعَاصِي وَلَوْ تَعَدَّدَ الْفَتْحُ وَاخْتَلَفَ الشَّرْطُ كَبَيْتِ الْمَقْدِسِ اُعْتُبِرَ الْأَوَّلُ،.
قَوْلُهُ: (وَيُمْنَعُونَ) أَيْ ابْتِدَاءً أَخْذًا مِنْ ذِكْرِ الْبِنَاءِ وَكَذَا الْإِعَادَةُ بَعْدَ الْهَدْمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَخَرَجَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ مِمَّنْ جَازَ لَهُ الرَّفْعُ لِأَنَّهُ دَوَامٌ وَالرَّوْشَنُ كَالْبِنَاءِ، لَكِنْ يُمْنَعُ فِيهِمَا مِنْ إشْرَافِهِ وَأَوْلَادُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَجْعَلَ مَانِعًا، وَلَوْ نَحْوَ بِنَاءِ حَاجِزٍ مُرْتَفِعٍ فَوْقَ الْبِنَاءِ وَلَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ هُنَا لِأَنَّهُ لِمَصْلَحَتِنَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مِنْ رَفْعِ بِنَاءٍ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ كِفَايَتِهِ وَإِلَّا جَازَ لَهُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ، قَوْلُهُ: (جَازَ) الْمُرَادُ بِهِ أَهْلُ مَحَلَّتِهِ وَمُلَاصِقِهِ، قَوْلُهُ: (وَإِنْ رَضِيَ) لِأَنَّهُ لِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَلِذَلِكَ لَا يَسْقُطُ هَدْمُهُ بِوَقْفِهِ وَلَا يَبِيعُهُ لِكَافِرٍ مُطْلَقًا وَلَا لِمُسْلِمٍ وَإِنْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِمَنْعِ هَدْمِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. نَعَمْ يَسْقُطُ الْهَدْمُ بِإِسْلَامِهِ وَيَرْفَعُ بِنَاءَ الْمُسْلِمِ عَلَيْهِ بَعْدَهُ، قَوْلُهُ: (بِمَحَلَّةٍ مُنْفَصِلَةٍ عَنْ الْعِمَارَةِ) أَيْ عِمَارَةِ الْمُسْلِمِينَ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ مِنْهُمْ إشْرَافٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلَا مُجَاوَرَةٌ عُرْفًا.
قَوْلُهُ: (وَيُمْنَعُ) وُجُوبًا الذِّمِّيُّ أَيْ الْكَافِرُ وَلَوْ مُعَاهَدًا هَذَا وَمُؤْمِنًا الذَّكَرُ الْمُكَلَّفُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ رُكُوبِ خَيْلٍ، وَلَوْ فِي مَحِلِّهِ انْفَرَدُوا بِهَا وَيُمْنَعُونَ وُجُوبًا مُطْلَقًا مِنْ الرُّكُوبِ فِي زَحْمَتِنَا وَمِنْ حَمْلِ السِّلَاحِ وَمِنْ التَّخَتُّمِ وَلَوْ بِفِضَّةٍ وَمِنْ اسْتِخْدَامِ الْمَمَالِيكِ وَمِنْ اسْتِخْدَامِ الْمُسْلِمِ وَمِنْ خِدْمَتِهِمْ لِلْأُمَرَاءِ وَلَوْ بِالرِّضَا، قَوْلُهُ: (وَيَرْكَبُ) أَيْ وَيُؤْمَرُ وُجُوبًا بِرُكُوبِهِ بِإِكَافٍ إلَخْ، وَبِرُكُوبِهِ عَرْضًا سَوَاءٌ فِي طَوِيلِ السَّفَرِ وَقَصِيرِهِ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ جَوَازُ الرُّكُوبِ بِغَيْرِ الْعَرْضِ فِي الطَّوِيلِ، قَوْلُهُ: (لَا حَدِيدٍ إلَخْ) فَيَحْرُمُ تَمْكِينُهُ مِنْ ذَلِكَ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. قَوْلُهُ: (وَيَلْجَأُ) وُجُوبًا فَيَحْرُمُ إيثَارُهُ بِهِ لِمَنْ قَصَدَ تَعْظِيمَهُ وَإِلَّا فَلَا،.
قَوْلُهُ: (وَلَا يُوَقَّرُ وَلَا يُصَدَّرُ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ مُسْلِمُونَ) وَلَوْ وَاحِدًا وَلَوْ طَارِئًا وُجُوبًا فَيَحْرُمُ ذَلِكَ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَيَحْرُمُ الْمَيْلُ إلَيْهِمْ بِالْقَلْبِ مِنْ حَيْثُ الْكُفْرُ وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهِ، وَتُكْرَهُ مُهَادَاتُهُمْ إلَّا لِنَحْوِ رَحِمٍ أَوْ رَجَاءَ إسْلَامٍ أَوْ جِوَارٍ، قَوْلُهُ: (وَيُؤْمَرُ) وَلَوْ أُنْثَى بِالْغِيَارِ وَيُغْنِي عَنْهُ الْعِمَامَةُ وَنَحْوُهَا الْمَعْرُوفُ الْآنَ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ لُبْسِ نَحْوِ دِيبَاجٍ أَوْ طَيْلَسَانٍ، قَوْلُهُ: (وَالزُّنَّارِ) وَيُغْنِي عَنْهُ نَحْوُ مِنْدِيلٍ عَلَى الْكَتِفِ مَثَلًا، (فَوْقَ الثِّيَابِ) لِلذَّكَرِ وَتَحْتَ الْإِزَارِ لِلْأُنْثَى وَالْخُنْثَى بِحَيْثُ يَظْهَرُ بَعْضُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَرْعٌ: لَا يَجُوزُ لَنَا دُخُولُهَا إلَّا بِإِذْنِهِمْ وَإِنْ كَانَ فِيهَا تَصْوِيرٌ حَرُمَ مُطْلَقًا، وَكَذَا كُلُّ بَيْتٍ فِيهِ صُورَةٌ.
قَوْلُهُ: (وُجُوبًا) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَصْلِ الْمَنْعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، قَوْلُهُ: (لِلتَّمْيِيزِ) أَيْ كَمَا يُمَيِّزُونَ فِي اللِّبَاسِ وَغَيْرِهِ.