وَفِي نَصٍّ يُؤَخَّرُ قِصَاصُ الطَّرَفِ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ.

(وَتُحْبَسُ الْحَامِلُ فِي قِصَاصِ النَّفْسِ أَوْ الطَّرَفِ حَتَّى تُرْضِعَهُ اللِّبَأَ) بِهَمْزٍ مِنْ غَيْرِ مَدٍّ وَهُوَ اللَّبَنُ أَوَّلُ النِّتَاجِ لَا يَعِيشُ الْوَلَدُ بِدُونِهِ غَالِبًا. (وَيَسْتَغْنِي بِغَيْرِهَا) صِيَانَةً لَهُ (أَوْ فِطَامٍ) لَهُ (لِحَوْلَيْنِ) إنْ لَمْ يُوجَدْ مَا يَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ أُمِّهِ مِنْ مُرْضِعَةٍ أَوْ لَبَنِ بَهِيمَةٍ يَحِلُّ شُرْبُهُ (وَالصَّحِيحُ تَصْدِيقُهَا فِي حَمْلِهَا بِغَيْرِ مَخِيلَةٍ) لِأَنَّ لَهُ أَمَارَاتٍ تَخْفَى تَجِدُهَا مِنْ نَفْسِهَا فَتَنْتَظِرُ الْمَخِيلَةَ، وَالثَّانِي قَالَ الْأَصْلُ عَدَمُ الْحَمْلِ

(وَمَنْ قَتَلَ بِمُحَدِّدٍ) كَسَيْفٍ أَوْ مُثْقَلٍ (أَوْ خَنِقٍ) بِكَسْرِ النُّونِ مَصْدَرًا (أَوْ تَجْوِيعٍ وَنَحْوِهِ) كَإِغْرَاقٍ وَإِلْقَاءٍ مِنْ شَاهِقٍ (اقْتَصَّ بِهِ) رِعَايَةً لِلْمُمَاثَلَةِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ لَهُ الْعُدُولَ عَنْ غَيْرِ السَّيْفِ إلَيْهِ (أَوْ بِسِحْرٍ فَبِسَيْفٍ) لِأَنَّ عَمَلَ السِّحْرِ حَرَامٌ وَلَا يَنْضَبِطُ (وَكَذَا خَمْرٌ) بِأَنْ أَوْجَرَهَا (وَلِوَاطٍ) بِأَنْ لَاطَ بِصَغِيرٍ (فِي الْأَصَحِّ) .

وَالثَّانِي فِي الْخَمْرِ يُؤَجَّرُ مَائِعًا كَخَلٍّ أَوْ مَاءٍ وَفِي اللِّوَاطِ يَدُسُّ فِي دُبُرِهِ خَشَبَةً قَرِيبَةً مِنْ آلَتِهِ وَيُقْتَلُ بِهَا

(وَلَوْ جَوَّعَ كَتَجْوِيعِهِ فَلَمْ يَمُتْ) زِيدَ تَجْوِيعُهُ حَتَّى يَمُوتَ، (وَفِي قَوْلٍ السَّيْفُ) يُقْتَلُ بِهِ (وَمَنْ عَدَلَ إلَى سَيْفٍ عَنْ غَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ) كَخَنِقٍ وَتَجْوِيعٍ (فَلَهُ) ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ وَأَسْرَعُ. قَالَ الْبَغَوِيّ وَهُوَ الْأَوْلَى

(وَلَوْ قَطَعَ فَسَرَى) الْقَطْعُ إلَى النَّفْسِ (فَلِلْوَلِيِّ حَزُّ رَقَبَتِهِ) تَسْهِيلًا عَلَيْهِ (وَلَهُ الْقَطْعُ) لِلْمُمَاثَلَةِ (ثُمَّ الْحَزُّ) لِلسِّرَايَةِ (وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ) بَعْدَ الْقَطْعِ (لِلسِّرَايَةِ) لِتَكْمُلَ الْمُمَاثَلَةُ (وَلَوْ مَاتَ بِجَائِفَةٍ أَوْ كَسْرِ عُضْوٍ فَالْحَزُّ) فَقَطْ لِلْوَلِيِّ

ـــــــــــــــــــــــــــــSوَفِي نَصٍّ يُؤَخَّرُ قِصَاصُ الطَّرَفِ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ) أَيْ الْحَرَمِ وَالْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالْمَرَضِ، وَحُمِلَ عَلَى النَّدْبِ أَوْ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ كَالْجَلْدِ فِي الزِّنَى أَوْ الرَّجْمِ فِيهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَأْخِيرُهَا لِذَلِكَ لِبِنَائِهَا عَلَى الْمُسَامَحَةِ.

تَنْبِيهٌ: قَتْلُ النَّفْسِ كَالْقِصَاصِ وَقَطْعُ السَّرِقَةِ وَجَلْدُ الْقَذْفِ كَقِصَاصِ الطَّرَفِ هُنَا

قَوْلُهُ: (وَتُحْبَسُ) وُجُوبًا إنْ طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ وَلَوْ بِوَلِيِّهِ وَمِنْهُ الْحَاكِمُ فِيمَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ. وَإِلَّا فَلَا رِعَايَةً لِلْحَمْلِ، وَمِنْهُ عُلِمَ أَنَّهَا لَا تُحْبَسُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى قَوْلُهُ: (الْحَامِلُ) وَلَوْ مِنْ زِنَى أَوْ مُرْتَدَّةٍ أَوْ حَدَثَ الْحَمْلُ بَعْدَ وُجُوبِ الْقَوَدِ، وَعَبَّرَ فِي الْمَنْهَجِ بِذَاتِ حَمْلٍ وَلَعَلَّهُ لِكَوْنِ لَفْظِ الْحَامِلِ مُذَكَّرًا لِعَدَمِ هَاءِ التَّأْنِيثِ أَوْ لِشُمُولِ الْحَمْلِ لِغَيْرِ الْجَنِينِ كَشَيْءٍ عَلَى رَأْسِهَا مَثَلًا أَوْ لِكَوْنِ الْحَامِلِ تُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ الْعَاقِلَةِ كَالْبَهِيمَةِ أَوْ لِأَنَّ وَصْفَهَا بِالْحَامِلِ فِي دَعْوَاهُ، كَمَا يَأْتِي لَيْسَ حَقِيقَةً فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِحَوْلَيْنِ) لَيْسَ قَيْدًا فَيَجُوزُ قَبْلَهُمَا إنْ لَمْ يَضُرَّ، وَيُؤَخَّرُ عَنْهُمَا إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ وَلَا عِبْرَةَ بِالتَّوَافُقِ عَلَى النَّقْصِ أَوْ الزِّيَادَةِ قَوْلُهُ: (مِنْ مُرْضِعَةٍ) تَعَيَّنَتْ أَوْ لَا يَجْبُرُ الْحَاكِمُ الْمُتَعَيِّنَةَ أَوْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ عِنْدَ امْتِنَاعِهِنَّ لَكِنْ بِأُجْرَةٍ فِيهِمَا، وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا زَانِيَةٌ مُحْصَنَةٌ قُتِلَتْ وَأُخِّرَتْ الْجَانِيَةُ لِنَدْبِ الْعَفْوِ فِي الْجِنَايَةِ قَوْلُهُ: (أَوْ بَهِيمَةٍ) نَعَمْ يُنْدَبُ صَبْرُ الْوَلِيِّ حَتَّى تُوجَدَ امْرَأَةٌ قَوْلُهُ: (تَصْدِيقُهَا) إنْ أَمْكَنَ الْحَمْلُ وَإِلَّا كَآيِسَةٍ فَلَا تُصَدَّقُ قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ مَخِيلَةٍ) أَيْ أَمَارَةٍ عَلَى الْحَمْلِ وَمَعَهَا لَا يَحْتَاجُ إلَى يَمِينٍ وَإِذَا صَدَقَتْ لَزِمَ الْمُسْتَحِقَّ الصَّبْرُ إلَى ظُهُورِ الْحَمْلِ لَا إلَى أَرْبَعِ سِنِينَ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ.

تَنْبِيهٌ: لَا يُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنْ وَطْئِهَا وَإِنْ أَدَّى إلَى عَدَمِ الْقَوَدِ.

فَرْعٌ: لَوْ قَتَلَهَا الْمُسْتَحِقُّ أَوْ غَيْرُهُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ فَعَلَيْهِ غُرَّةٌ إنْ انْفَصَلَ الْحَمْلُ مَيِّتًا أَوْ دِيَةٌ إنْ انْفَصَلَ حَيًّا مُتَأَلِّمًا وَمَاتَ وَإِنْ انْفَصَلَ سَالِمًا أَوْ لَمْ يَنْفَصِلْ، فَلَا شَيْءَ وَعَلَى قَاتِلِهَا غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ الْقِصَاصُ بِشَرْطِهِ وَإِنْ قُتِلَتْ بَعْدَ انْفِصَالٍ وَقَبْلَ اسْتِغْنَاءِ الْوَلَدِ فَمَاتَ وَجَبَ فِيهِ قِصَاصٌ وَلَوْ عَلَى جَلَّادٍ فَإِنْ أَكْرَهَهُ الْإِمَامُ فَعَلَيْهِمَا مَعًا.

قَوْلُهُ: (خَنِقٍ بِكَسْرِ النُّونِ مَصْدَرٌ) قَالَ الْمُصَنِّفُ وَبِسُكُونِهَا وَفِي الْمُضَارِعِ مَضْمُومَةٌ فَقَطْ قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهِ) مِنْهُ إلْقَاؤُهُ فِي نَارٍ وَعَكْسُهُ وَسُمٍّ إلَّا مُهْرِيًّا لَمْ يُقْتَلْ بِهِ وَسَهْمٌ مَسْمُومٌ وَذَبْحٌ كَالْبَهِيمَةِ وَكَسْرُ عَضُدٍ وَرَجْمٌ فِي شُهُودٍ رَجَعُوا وَإِنْهَاشُهُ حَيَّةً قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَخَالَفَ شَيْخُنَا فِي هَذِهِ. قَوْلُهُ: (اقْتَصَّ بِهِ) إنْ عَلِمَ تَأْثِيرَهُ فِي الْجَانِي وَإِلَّا كَضَرْبٍ يَقْتُلُ مَرِيضًا تَعَيَّنَ السَّيْفُ قَوْلُهُ: (أَوْ بِسِحْرٍ) وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي فِعْلِ مَا يَثْبُتُ بِهِ الْقَوَدُ وَالْمَالُ قَوْلُهُ: (وَكَذَا خَمْرٌ) يَتَعَيَّنُ فِيهِ السَّيْفُ وَمِثْلُهُ بَوْلٌ وَمَاءٌ مُتَنَجِّسٌ لَكِنْ عَلَى جَوَازِهِ يُبَدَّلُ بِطَاهِرٍ وَلَهُ الْعُدُولُ عَنْ الْمِلْحِ لِلْعَذْبِ لَا عَكْسُهُ

قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ السَّيْفُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (إلَى سَيْفٍ) أَيْ قَطْعِ رَأْسٍ لَا ذَبْحٍ

قَوْلُهُ: (لِلْمُمَاثَلَةِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا تُقْطَعُ يَسَارٌ عَنْ يَمِينٍ وَعَكْسُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ إتْلَافَ الْجُمْلَةِ وَالنَّفْسُ مُسْتَوْفَاةٌ وَالْمُمَاثَلَةُ مِنْ حَيْثُ سِرَايَةٌ لَا مُقَابَلَةُ سِرَايَةٍ فَرَاجِعْهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (وَفِي نَصٍّ يُؤَخِّرُ قِصَاصَ الطَّرَفِ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ) نَصَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ صَاحِبِ الْبَحْرِ وَغَيْرُهُ أَيَّدَهُ بِقَوْلِهِمْ، فِيمَا لَوْ قَطَعَ الْيَسَارَ وَبَقِيَ قِصَاصُ الْيَمِينِ لَا يَجُوزُ اسْتِيفَاؤُهُ حَتَّى يَنْدَمِلَ قَطْعُ الْيَسَارِ.

قَوْلُهُ: (وَتُحْبَسُ الْحَامِلُ) وَلَوْ مِنْ زِنًى قَوْلُهُ: (فِي قِصَاصِ النَّفْسِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} [الإسراء: 33] وَقَتْلُهَا إسْرَافٌ لِأَنَّ فِيهِ هَلَاكَ نَفْسَيْنِ وَخَرَجَ بِهَذَا حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَا تُحْبَسُ فِيهَا بَلْ وَلَا تَسْتَوْفِي مَعَ وُجُودِ مُرْضِعَةٍ لِبِنَائِهَا عَلَى الْمُسَامَحَةِ فَتُرْضِعُهُ هِيَ، ثُمَّ يُسَلَّمُ لِلْكَافِلِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ امْتَنَعَ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهَا.

قَوْلُهُ: (وَالصَّحِيحُ تَصْدِيقُهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] ، وَمَنْ حَرُمَ عَلَيْهِ الْكِتْمَانُ وَجَبَ قَبُولُ قَوْلِهِ فِي الْإِظْهَارِ كَالشَّهَادَةِ وَقَوْلُهُ أَيْضًا تَصْدِيقُهَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْيَمِينِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْفَرَائِضِ: وَظُهُورُ مَخَايِلِ الْحَامِلِ كَافٍ فِي الصَّبْرِ وَإِنْ لَمْ تَدْعُهُ الْمَرْأَةُ فَتَنْتَظِرُ الْمَخِيلَةَ إلَى مُدَّةِ الْحَمْلِ وَهِيَ أَرْبَعُ سِنِينَ.

قَوْلُهُ: (مَصْدَرٌ) أَيْ لِخَنَقَ يَخْنُقُ بِضَمِّهَا فِي الْمُضَارِعِ جَوَّزَ الْمُصَنِّفُ فَتْحَ النُّونِ.

قَوْلُهُ: (وَلَهُ الْقَطْعُ ثُمَّ الْحَزُّ) لَا يَلْزَمُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ مُمَكَّنًا مِنْ مُبَاشَرَةِ الطَّرَفِ فَيُخَالِفُ مَا مَرَّ. نَعَمْ لَنَا وَجْهٌ قَائِلٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015