(وَفِي قَوْلٍ) لَهُ (كَفِعْلِهِ) أَيْ الْجَانِي فَيُجِيفُهُ أَوْ يَكْسِرُ عَضُدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْجَائِفَةِ وَالْكَسْرِ لَوْ لَمْ يَسْرِيَا قِصَاصٌ، وَالْأَوَّلُ نَظَرَ إلَى عَدَمِهِ فِيهِمَا (فَإِنْ لَمْ يَمُتْ) بِالْجَائِفَةِ (لَمْ تَزِدْ الْجَوَائِفُ فِي الْأَظْهَرِ) بَلْ تُحَزُّ رَقَبَتُهُ، وَالثَّانِي تُزَادُ حَتَّى يَمُوتَ وَالْأَوَّلُ مِنْ الْخِلَافِ الْأَوَّلِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ أَظْهَرُ عِنْدَ الْبَغَوِيّ وَالثَّانِي قَالَ أَظْهَرُ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالرُّويَانِيِّ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بَدَلَهُمْ بِالْأَكْثَرِينَ. وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ فَيَسْتَوْفِي الْقِصَاصَ بِمِثْلِ ذَلِكَ أَوْ بِالسَّيْفِ فِيهِ قَوْلَانِ رَجَّحَ كَثِيرُونَ الثَّانِيَ، وَكَأَنَّهُ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ فِي الشَّرْحِ سَبْقُ قَلَمٍ مَشَى عَلَيْهِ فِي الْمِنْهَاجِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الرَّوْضَةِ تَرْجِيحَهُ عَنْ أَحَدٍ
(وَلَوْ اقْتَصَّ مَقْطُوعٌ ثُمَّ مَاتَ سِرَايَةً فَلِوَلِيِّهِ حَزٌّ وَلَهُ عَفْوٌ بِنِصْفِ دِيَةٍ) وَالْيَدُ الْمُسْتَوْفَاةُ مُقَابَلَةٌ بِالنِّصْفِ، (وَلَوْ قُطِعَتْ يَدَاهُ فَاقْتَصَّ ثُمَّ مَاتَ) سِرَايَةً (فَلِوَلِيِّهِ الْحَزُّ فَإِنْ عُفِيَ فَلَا شَيْءَ لَهُ) لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَا يُقَابِلُ الدِّيَةَ.
(وَلَوْ مَاتَ جَانٍ مِنْ قَطْعِ قِصَاصٍ فَهَدَرٌ) لِأَنَّهُ قُطِعَ بِحَقٍّ (وَإِنْ مَاتَا) أَيْ الْجَانِي الْقَاطِعُ وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْمُقْتَصُّ (سِرَايَةً مَعًا أَوْ سَبَقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَقَدْ اقْتَصَّ) بِالْقَطْعِ وَالسِّرَايَةِ (وَإِنْ تَأَخَّرَ فَلَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ) فِي تَرِكَةِ الْجَانِي (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّ الْجَانِيَ مَاتَ مِنْ سِرَايَةٍ بِفِعْلِهِ وَحَصَلَتْ الْمُقَابَلَةُ، وَدُفِعَ بِأَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَسْبِقُ الْجِنَايَةَ وَفِي سَبْقِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَجْهٌ أَنَّ لَهُ نِصْفَ الدِّيَةِ لِأَنَّ سِرَايَةَ الْجَانِي مُهْدَرَةٌ
(وَلَوْ قَالَ مُسْتَحِقُّ بِيَمِينٍ أَخْرِجْهَا فَأَخْرَجَ يَسَارًا وَقَصَدَ إبَاحَتَهَا) فَقَطَعَهَا الْمُسْتَحِقُّ (فَمُهْدَرَةٌ) أَيْ لَا قِصَاصَ فِيهَا وَلَا دِيَةَ سَوَاءٌ تَلَفَّظَ بِالْإِذْنِ فِي الْقَطْعِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْقَاطِعُ أَنَّهَا الْيَسَارُ أَمْ لَا وَيُعَزَّرُ فِي الْعِلْمِ (وَإِنْ قَالَ) الْمُخْرِجُ بَعْدَ قَطْعِهَا (جَعَلْتُهَا) حَالَةَ الْإِخْرَاجِ (عَنْ الْيَمِينِ وَظَنَنْت إجْزَاءَهَا) عَنْهَا (فَكَذَّبَهُ) الْمُسْتَحِقُّ فِي الظَّنِّ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ الْجُعْلُ الْمَذْكُورُ (فَالْأَصَحُّ لَا قِصَاصَ فِي الْيَسَارِ) لِتَسْلِيطِ مُخْرِجِهَا بِجَعْلِهَا عِوَضًا (وَتَجِبُ دِيَةٌ) فِيهَا بِالْجُعْلِ الْمَذْكُورِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِيهَا الْقِصَاصُ لِأَنَّ قَطْعَهَا بِلَا اسْتِحْقَاقٍ (وَيَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا (وَكَذَا لَوْ قَالَ) الْمُخْرِجُ (دَهِشْت) بِفَتْحِ وَضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ (فَظَنَنْتهَا الْيَمِينَ وَقَالَ الْقَاطِعُ) الْمُسْتَحِقُّ أَيْضًا (ظَنَنْتهَا الْيَمِينَ) أَيْ فَلَا قِصَاصَ فِي الْأَصَحِّ وَتَجِبُ دِيَتُهَا، وَيَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ لَهُ كَفِعْلِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. إلَّا إنْ قَالَ: إذَا لَمْ يَمُتْ لَمْ أَقْتُلْهُ فَيُمْنَعُ وَيَتَعَيَّنُ السَّيْفُ قَوْلُهُ: (لَمْ تَزِدْ الْجَوَائِفُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (بَلْ تُحَزُّ رَقَبَتُهُ) وَإِنْ امْتَنَعَ عُزِّرَ قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ) الَّذِي هُوَ الْحَزُّ قَوْلُهُ: (مِنْ الْخِلَافِ الْأَوَّلِ) الَّذِي هُوَ الْحَزُّ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُهُ: (سَبْقُ قَلَمٍ) فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ رَجَّحَ كَثِيرُونَ الْأَوَّلَ الَّذِي هُوَ بِمِثْلِ ذَلِكَ الَّذِي هُوَ الثَّانِي فِي الْمِنْهَاجِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ، وَفِي قَوْلٍ كَفِعْلِهِ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَسَبْقُ الْقَلَمِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ أَيْضًا، وَزَادَ فِي الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ لَمْ يَذْكُرْ فِي الرَّوْضَةِ تَرْجِيحَهُ عَنْ أَحَدٍ فَهُوَ أَقْوَى بِالِاعْتِرَاضِ مِنْ الرَّافِعِيِّ
قَوْلُهُ: (وَلَوْ اقْتَصَّ إلَخْ) مَحَلُّ هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا فِيمَا لَوْ تَسَاوَيَا فِي الدِّيَةِ وَإِلَّا كَامْرَأَةٍ قَطَعَتْ يَدَ رَجُلٍ فَقَطَعَ يَدَهَا ثُمَّ مَاتَ فَالْعَفْوُ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ لِأَنَّ يَدَ الْمَرْأَةِ بِقَدْرِ رُبُعِ دِيَةِ الرَّجُلِ وَفِي عَكْسِهِ لَا شَيْءَ فِي الْعَفْوِ
قَوْلُهُ: (لَا يَسْبِقُ الْجِنَايَةَ) فَلَوْ اعْتَدَّ بِهِ كَانَ كَالسَّلَمِ فِي الْقِصَاصِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ قَوْلُهُ: (وَفِي سَبْقِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَجْهٌ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ ذِكْرِ الْخِلَافِ
قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إلَخْ) أَيْ وَكُلٌّ مِنْهُمَا بَالِغٌ عَاقِلٌ حُرٌّ فَلَوْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مَجْنُونًا أُهْدِرَتْ الْيَسَارُ، أَوْ الْمُخْرِجُ مَجْنُونًا فَكَالدَّهِشَةِ أَوْ رَقِيقًا لَمْ تُهْدَرْ الْيَسَارُ وَإِنْ قَصَدَ إبَاحَتَهَا قَوْلُهُ: (وَقَصَدَ إبَاحَتَهَا) أَيْ عَلِمَ أَنَّهَا الْيَسَارُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ وَتَبَرَّعَ بِتَسْلِيمِهَا لِلْقَطْعِ قَوْلُهُ: (فَمُهْدَرَةٌ) وَكَذَا نَفْسُهُ لَوْ سَرَى إلَيْهَا قَوْلُهُ: (فَكَذَّبَهُ) لَيْسَ قَيْدًا فَالتَّصْدِيقُ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: (فِي الظَّنِّ الْمُرَتَّبِ إلَخْ) أَيْ فَلَا حَاجَةَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الظَّنِّ وَالْجَعْلِ وَلَا عِبْرَةَ بِالتَّكْذِيبِ فِي الْجَعْلِ قَوْلُهُ: (فَلَا قِصَاصَ فِي الْيَسَارِ) أَيْ مُطْلَقًا وَإِنْ عَلِمَ الْقَاطِعُ أَنَّهَا الْيَسَارُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ دِيَةٌ فِيهَا) أَيْ الْيَسَارِ بِلَا يَمِينٍ إلَّا إذَا ادَّعَى الْقَاطِعُ أَنَّ الْمُخْرِجَ أَبَاحَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يُبِحْهَا فَإِنْ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْقَاطِعِ حَلَفَ وَأُهْدِرَتْ قَوْلُهُ: (وَيَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ) وَيَلْزَمُهُ الصَّبْرُ بِهِ إلَى انْدِمَالِ الْيَسَارِ لِئَلَّا يَهْلَكَ بِالْمُوَالَاةِ، نَعَمْ إنْ ظَنَّ الْقَاطِعُ إجْزَاءَ الْيَسَارِ أَوْ أَخَذَهَا عِوَضًا سَقَطَ قِصَاصُ الْيَمِينِ وَتَجِبُ دِيَتُهَا قَوْلُهُ: (دُهِشْت) وَكَذَا لَوْ قَالَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ: أَخْرِجْ يَمِينَك قَوْلُهُ: (ظَنَنْتهَا الْيَمِينَ) أَوْ ظَنَنْت أَنَّهَا تُجْزِئُ، فَإِنْ قَالَ فِي حَالِ دَهْشَةِ الْمُخْرِجِ ظَنَنْت أَنَّهُ أَبَاحَهَا أَوْ عَلِمْت عَدَمَ إجْزَائِهَا أَوْ دُهِشْت لَزِمَهُ قَوَدُهَا.
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِذَلِكَ فِي مِثْلِ هَذَا، قَوْلُهُ: (لَمْ تَزِدْ الْجَوَائِفُ الْأَظْهَرُ) لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِ الْجَوَائِفِ بِاخْتِلَافِ مَحَلِّهَا، وَالثَّانِي تُزَادُ أَيْ طَلَبًا لِلْمُمَاثَلَةِ.
قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ مِنْ الْخِلَافِ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ فَالْحَزُّ وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ وَفِي قَوْلٍ لَهُ كَفِعْلِهِ لِأَنَّهُ قَطْعٌ بِحَقٍّ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَمْرٍو وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مَنْ مَاتَ فِي حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ فَلَا دِيَةَ لَهُ لِأَنَّ الْحَقَّ قَتْلُهُ اهـ. وَأَوْجَبَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيهِ كَمَالَ الدِّيَةِ.
قَوْلُهُ: (وَقَصَدَ إبَاحَتَهَا) أَيْ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهَا الْيَسَارُ، قَوْلُهُ: (فَمُهْدَرَةٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ قَطْعَهَا لَوْ سَرَى إلَى النَّفْسِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (فَكَذَّبَهُ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا قِصَاصَ فِي الْيَسَارِ وَيَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ إلَّا إذَا أَخَذَهَا عِوَضًا، وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ عَامٌّ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَلَيْسَ يَلْزَمُ مِنْ أَخْذِهَا عِوَضًا، أَنْ يَظُنَّ أَنَّهَا الْيَمِينُ بِخِلَافِ مَا لَوْ ظَنَّ أَنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ الْيَمِينِ.
قَوْلُهُ: (فَلَا قِصَاصَ) أَيْ سَوَاءٌ قَالَ الْقَاطِعُ ظَنَنْت أَنَّهُ أَبَاحَهَا أَوْ عَلِمْت أَنَّهَا الْيَسَارُ، وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ أَمْ ظَنَنْت أَنَّهَا الْيَمِينُ أَمْ أَخَذْتهَا عِوَضًا وَفِي الْأَخِيرَةِ يَسْقُطُ قِصَاصُ الْيَمِينِ، قَوْلُهُ: (ظَنَنْتهَا إلَخْ)