الْقَتْلِ فَإِنْ جَهِلَهُ فَلَا قِصَاصَ قَطْعًا وَعَلَى وُجُوبِهِ إنْ اقْتَصَّ مِنْهُ فَلَهُ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ فِي تَرِكَةِ الْجَانِي كَالْبَاقِينَ

(وَإِنْ بَادَرَ بَعْدَ عَفْوِ غَيْرِهِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ) إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْقَتْلِ (وَقِيلَ لَا) قِصَاصَ (إنْ لَمْ يَعْلَمْ) بِالْعَفْوِ (وَ) لَمْ (يَحْكُمْ قَاضٍ بِهِ) أَيْ بِنَفْيِ الْقِصَاصِ وَهَذَا صَادِقٌ بِنَفْيِ الْعِلْمِ وَالْحُكْمِ، وَبِنَفْيِ الْعِلْمِ دُونَ الْحُكْمِ وَالْعَكْسِ وَوَجْهُهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ عَدَمُ الْعِلْمِ وَفِي الثَّالِثِ شُبْهَةُ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ، فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْوَرَثَةِ الِانْفِرَادَ بِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ حَتَّى لَوْ عَفَا بَعْضُهُمْ عَنْهُ كَانَ لِمَنْ لَمْ يَعْفُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ

(وَلَا يُسْتَوْفَى قِصَاصٌ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ) أَوْ نَائِبِهِ لِخَطَرِهِ وَاحْتِيَاجِهِ إلَى النَّظَرِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي شُرُوطِهِ سَوَاءٌ فِيهِ النَّفْسُ وَالطَّرَفُ (فَإِنْ اسْتَقَلَّ) بِهِ مُسْتَحِقُّهُ (عُزِّرَ) وَاعْتَدَّ بِهِ (وَيَأْذَنُ لِأَهْلٍ) لِاسْتِيفَائِهِ مِنْ مُسْتَحِقِّهِ (فِي نَفْسٍ لَا طَرَفٍ فِي الْأَصَحِّ) وَلَا يَأْذَنُ لِغَيْرِ أَهْلٍ كَالشَّيْخِ وَالزَّمَنِ وَالْمَرْأَةِ وَيَأْذَنُ لَهُ فِي الِاسْتِنَابَةِ وَعَدَمُ الْإِذْنِ فِي الطَّرَفِ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَزِيدَ الْإِيلَامُ بِتَرْدِيدِ الْآلَةِ فَيَسْرِي وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يُنْظَرُ لِذَلِكَ.

(فَإِنْ أَذِنَ) لَهُ (فِي ضَرْبِ رَقَبَةٍ فَأَصَابَ غَيْرَهَا عَمْدًا) بِقَوْلِهِ (عُزِّرَ وَلَمْ يَعْزِلْهُ) لِأَهْلِيَّتِهِ (وَلَوْ قَالَ أَخْطَأْت وَأَمْكَنَ) بِأَنْ ضَرَبَ كَتِفَهُ أَوْ رَأْسَهُ بِمَا يَلِي الرَّقَبَةَ (عَزَلَهُ) لِأَنَّ يُشْعِرُ بِعَجْزِهِ وَيَحْلِفُ (وَلَمْ يُعَزَّرْ) إذَا حَلَفَ

(وَأُجْرَةُ الْجَلَّادِ) وَهُوَ الْمَنْصُوبُ لِاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ وَالْقُصَاصَاتِ وُصِفَ بِأَغْلَبِ أَوْصَافِهِ (عَلَى الْجَانِي) فِي الْقِصَاصِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ حَقٍّ لَزِمَهُ أَدَاؤُهُ، وَالثَّانِي عَلَى الْمُقْتَصِّ وَالْوَاجِبُ عَلَى الْجَانِي التَّمْكِينُ (وَيَقْتَصُّ عَلَى الْفَوْرِ) أَيْ لِلْمُسْتَحِقِّ ذَلِكَ إذَا أَمْكَنَ

(وَفِي الْحَرَمِ) إنْ الْتَجَأَ إلَيْهِ سَوَاءٌ قِصَاصُ النَّفْسِ وَالطَّرَفِ، وَلَوْ الْتَجَأَ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. قَالَ الْإِمَامُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْمَسَاجِدِ أُخْرِجَ مِنْهُ وَقُتِلَ صِيَانَةً لِلْمَسْجِدِ، وَقِيلَ تُبْسَطُ الْإِنْطَاعُ وَيُقْتَلُ فِيهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ الْتَجَأَ إلَى الْكَعْبَةِ أَوْ إلَى مِلْكِ إنْسَانٍ أُخْرِجَ قَطْعًا (وَ) فِي (الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالْمَرَضِ)

ـــــــــــــــــــــــــــــSلَزِمَهُ الْقِصَاصُ بِالْأَوْلَى وَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهِ إنْ كَانَ قَدْ عَفَا مَجَّانًا وَإِلَّا فَكَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (وَهَذَا صَادِقٌ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ جَعَلَ الضَّمِيرَ فِي بِهِ عَائِدًا لِنَفْيِ الْقِصَاصِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحُكْمَ بِعَدَمِهِ لَمْ يُوجَدْ مَعْلُومًا، فَالْقَوْلُ بِالْقِصَاصِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا وُجِدَ الْعِلْمُ بِالْعَفْوِ، وَوُجِدَ الْحُكْمُ بِعَدَمِ الْقِصَاصِ مَعًا وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا مِنْ دَقَائِقِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى مَنْ اعْتَرَضَ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلِلَّهِ دَرُّهُ مَا أَدْرَاهُ بِأَسَالِيبِ التَّرَاكِيبِ وَانْتِزَاعِ مُخَبَّآتِ الْأَسَالِيبِ.

قَوْلُهُ: (إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ) نَعَمْ لَا يَحْتَاجُ لِإِذْنِهِ فِي سَيِّدٍ فِي قَتْلِ عَبْدِهِ، وَفِي قَاتِلٍ فِي الْحِرَابَةِ وَفِي مُسْتَحِقٍّ مُضْطَرٍّ أَوْ مُنْفَرِدٍ بِحَيْثُ لَا يَرَى سَوَاءٌ عَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ أَوْ لَا بَعُدَ عَنْ الْإِمَامِ أَوْ لَا

قَوْلُهُ: (عُزِّرَ) إنْ عَلِمَ. قَوْلُهُ: (وَاعْتَدَّ بِهِ) أَيْ بِالْقِصَاصِ وَخَرَجَ بِهِ حَدُّ الْقَذْفِ وَالتَّعْزِيرِ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِمَا، وَلَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِمَا بِمَحَلٍّ مُعَيَّنٍ مَعَ إمْكَانِ التَّدَارُكِ فِيهِمَا قَوْلُهُ: (لِأَهْلٍ) أَيْ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ حَيْثُ جَازَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ سَوَاءٌ وُجِدَتْ قُرْعَةٌ أَوْ لَا قَوْلُهُ: (وَيَأْذَنُ لَهُ) أَيْ لِغَيْرِ الْأَهْلِ فِي الِاسْتِنَابَةِ سَوَاءٌ قُلْنَا يَدْخُلُ فِي الْقُرْعَةِ عَلَى الْمَرْجُوحِ أَوْ لَا إذْ لَا بُدَّ مِنْ أَنَّهُ يُوَكَّلُ لِتَوَقُّفِ الِاسْتِيفَاءِ عَلَى إذْنِهِ فَمَا أَطَالَ بِهِ بَعْضُهُمْ هُنَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَرَاجِعْهُ.

تَنْبِيهٌ: لَا يَأْذَنُ الْإِمَامُ لِكَافِرٍ فِي مُسْلِمٍ كَمَا مَرَّ وَلَا لِعَدُوٍّ فِي عَدُوِّهِ، وَالْإِيضَاحُ وَالْمَعَانِي كَالطَّرَفِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَأْذَنُ لِلْمُسْتَحِقِّ فِيهِمَا.

فَرْعٌ: يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ لِلشَّخْصِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْ نَفْسِهِ فِي قَتْلٍ وَقَطْعٍ وَلَوْ فِي سَرِقَةٍ لَا فِي جِلْدٍ وَنَحْوِهِ لِإِيهَامِ عَدَمِ إيلَامِ نَفْسِهِ وَظَاهِرٌ مِنْ الْجَوَازِ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِقَتْلِ نَفْسِهِ هُنَا. قَوْلُهُ: (بِقَوْلِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ إلَّا مِنْهُ قَوْلُهُ: (وَأَمْكَنَ) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَكَالْعَمْدِ فَيُعَزِّرُهُ وَلَا يَعْزِلُهُ قَوْلُهُ: (عَزَلَهُ) مَا لَمْ يَكُنْ مَاهِرًا

قَوْلُهُ: (عَلَى الْجَانِي) إنْ لَمْ يُرْزَقْ الْجَلَّادُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ عَلَى الْجَانِي بِأَنْ كَانَ غَيْرَ مُوسِرٍ بِمَا فِي الْفِطْرَةِ وَتَعَذَّرَ بَيْتُ الْمَالِ فَعَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ قَوْلُهُ: (فِي الْقِصَاصِ) شَمِلَ النَّفْسَ وَالطَّرَفَ، وَالتَّقْيِيدُ بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْجَانِي فَغَيْرُ الْقِصَاصِ كَذَلِكَ كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَا ذُكِرَ قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ وَهُوَ الْمَنْصُوبُ إلَخْ قَوْلُهُ: (وَيَقْتَصُّ عَلَى الْفَوْرِ) أَيْ لِلْمُسْتَحِقِّ ذَلِكَ إنْ شَاءَ بِخِلَافِ الْمَالِ كَالْأَرْشِ أَوْ الْحُكُومَةِ فَلَا يَجِبُ دَفْعُهُ إلَّا بَعْدَ الِانْدِمَالِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ فِي الْجُرْحِ عَلَى مَالٍ قَبْلَ الِانْدِمَالِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ الْتَجَأَ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أُخْرِجَ) أَيْ وُجُوبًا فَيَحْرُمُ الِاسْتِيفَاءُ فِيهِ إنْ خِيفَ تَلْوِيثُهُ بِالدَّمِ وَإِلَّا كُرِهَ.

(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ) أَيْ فَفِيهِ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَالْمَقَابِرُ كَالْمَسَاجِدِ.

قَوْلُهُ: (وَقِيلَ تُبْسَطُ الْأَنْطَاعُ وَيُقْتَلُ فِيهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَيُجَابُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] بِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ الْجَانِي كَمَا فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ إنَّ الْحَرَمَ لَا يُعِيذُ فَارًّا أَوْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْأَمْنُ فِي الْآخِرَةِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ الْتَجَأَ إلَى الْكَعْبَةِ أَوْ إلَى مِلْكِ إنْسَانٍ أُخْرِجَ قَطْعًا) أَيْ فَيَحْرُمُ الِاسْتِيفَاءُ فِيهِمَا بِلَا خِلَافٍ ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَمِنَ التَّلْوِيثَ، وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ لِشَرَفِ الْكَعْبَةِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَجْرِ فِيهَا خِلَافُ الْمَسْجِدِ وَلِأَنَّهُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ اسْتِعْمَالٌ لَهُ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَجْرِ فِيهِ خِلَافٌ أَيْضًا.

قَوْلُهُ:

ـــــــــــــــــــــــــــــQلَأَمْكَنَ أَنَّ النَّفْيَ فِي عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ صُرِفَ إلَى الْمَجْمُوعِ فَيُصَدَّقُ بِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَعْتَذِرَ بِأَنَّ تَقْدِيرَ لَمْ لِبَيَانِ الْإِعْرَابِ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ وَهَذَا رَاجِعٌ لِعِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ التَّصْرِيحِ بِلَمْ فِي الْمَعْطُوفِ.

قَوْلُهُ: (وَيَأْذَنُ لَهُ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ الْإِذْنُ لِعَدُوِّ الْجَانِي.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَعْزِلْهُ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الَّذِي فَعَلَهُ فِعْلًا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ الِاسْتِيفَاءُ.

قَوْلُهُ: (وَأُجْرَةُ الْجَلَّادِ) ، وَلَمْ يَقُلْ: الْمُسْتَوْفِي لِلْقِصَاصِ، وَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَيْسَ خَاصًّا بِهَذَا الْبَابِ، قَوْلُهُ: (فِي الْقِصَاصِ) اُنْظُرْ مَا حِكْمَةُ تَقْيِيدِهِ بِالْقِصَاصِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ حَقٍّ) أَيْ فَكَانَ ذَلِكَ كَالْحَلْقِ وَالْخِتَانِ، قَوْلُهُ: (وَالْوَاجِبُ عَلَى الْجَانِي التَّمْكِينُ) وَالْأَوَّلُ يَقُولُ لَا يَحْصُلُ التَّمْكِينُ إلَّا بِإِبَانَةِ الْعُضْوِ عَنْ الْجُثَّةِ.

قَوْلُهُ: (أَيْ لِلْمُسْتَحِقِّ ذَلِكَ) وَلَا يُقَالُ يُؤَخِّرُ قَدْرَ مُدَّةِ سِرَايَةِ الْجُرْحِ إلَى نَفْسِ الْمَقْتُولِ وَلَا يُؤَخِّرُ فِي الْأَطْرَافِ إلَى الِانْدِمَالِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَفِي الْحُرُمِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْجَانِي فَعَلَ ذَلِكَ، فِي وَقْتِ الِاعْتِدَالِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015