لِتَضَمُّنِ مَا ذُكِرَ لِلْبَيْعِ لِتَوَقُّفِ الْعِتْقِ عَلَى الْمِلْكِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: بِعْنِيهِ بِكَذَا وَأَعْتِقْهُ عَنِّي وَقَدْ أَجَابَهُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ عَقِبَ لَفْظِ الْإِعْتَاقِ) مِنْ الْمُجِيبِ كَقَوْلِهِ: أَعْتَقْتُهُ عَنْك لِأَنَّهُ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الْمِلْكُ (ثُمَّ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) لِتَأَخُّرِ الْعِتْقِ عَنْ الْمِلْكِ وَقِيلَ: يَحْصُلُ الْمِلْكُ وَالْعِتْقُ مَعًا عِنْدَ تَمَامِ لَفْظِ الْإِعْتَاقِ لِحُصُولِهِمَا بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ الْمُصَنِّفُ فِي بَيَانِ مَنْ يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ عَنْ الْكَفَّارَةِ فَقَالَ (وَمَنْ مَلَكَ عَبْدًا، أَوْ ثَمَنَهُ فَاضِلًا عَنْ كِفَايَةِ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ نَفَقَةً وَكِسْوَةً وَسُكْنَى وَأَثَاثًا لَا بُدَّ مِنْهُ لَزِمَهُ الْعِتْقُ) أَيْ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَمْلِكْ مَا ذُكِرَ بِوَصْفِهِ كَمَنْ مَلَكَ عَبْدًا وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى خِدْمَتِهِ لِمَرَضٍ، أَوْ كِبَرٍ، أَوْ ضَخَامَةٍ مَانِعَةٍ مِنْ خِدْمَتِهِ نَفْسَهُ، أَوْ مَنْصِبٍ يَأْبَى أَنْ يَخْدُمَ نَفْسَهُ، فَهُوَ فِي حَقِّهِ كَالْمَعْدُومِ بِخِلَافِ مَنْ هُوَ مِنْ أَوْسَاطِ النَّاسِ فَيَلْزَمُهُ الْإِعْتَاقُ فِي الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ بِصَرْفِ الْعَبْدِ إلَى الْكَفَّارَةِ ضَرَرٌ شَدِيدٌ، وَإِنَّمَا يَفُوتُهُ نَوْعُ رَفَاهِيَةٍ وَسَكَتُوا عَنْ تَقْدِيرِهِ مُدَّةَ النَّفَقَةِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا، وَجَوَّزَ الرَّافِعِيُّ أَنْ تُقَدَّرَ بِالْعُمُرِ الْغَالِبِ، وَأَنْ تُقَدَّرَ بِسَنَةٍ، لِأَنَّ الْمُؤْنَاتِ تَتَكَرَّرُ فِيهَا، وَالصَّوَابُ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ الثَّانِي.
(وَلَا يَجِبُ بَيْعُ ضَيْعَةٍ، وَرَأْسُ مَالٍ لَا يَفْضُلُ دَخْلُهُمَا) مِنْ غَلَّةِ الضَّيْعَةِ وَرِبْحِ مَالِ التِّجَارَةِ (عَنْ كِفَايَتِهِ) لِتَحْصِيلِ عَبْدٍ يُعْتِقُهُ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِمَا (وَلَا) بَيْعُ (مَسْكَنٍ وَعَبْدٍ نَفِيسَيْنِ أَلِفَهُمَا فِي الْأَصَحِّ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (لِتَضَمُّنِ مَا ذُكِرَ لِلْبَيْعِ) لِقَرِينَةِ ذِكْرِ الْعِوَضِ وَيَقَعُ عَنْ كَفَّارَتِهِ إنْ كَانَتْ وَنَوَاهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْعِوَضَ، فَإِنْ قَالَ عَنْ كَفَّارَتِي وَقَعَ عَنْهَا وَلَزِمَهُ قِيمَتُهُ، وَإِلَّا عَتَقَ عَنْهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ هِبَةٌ كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَالْوَجْهُ عَدَمُ الْعِوَضِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ هِبَةٌ وَوُقُوعُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ لَا يُنَافِيهَا فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ) هِيَ لِمُجَرَّدِ التَّرْتِيبِ.
قَوْلُهُ: (يَعْتِقُ عَلَيْهِ) فَإِنْ نَوَاهُ عَنْ كَفَّارَةٍ عَلَيْهِ وَقَعَ عَنْهَا كَمَا مَرَّ.
فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: أَطْعِمْ عَنْ كَفَّارَتِي سِتِّينَ مِسْكِينًا كُلَّ مِسْكِينٍ كَذَا مِنْ جِنْسِ كَذَا صَحَّ، وَكَذَا الْكِسْوَةُ، وَإِنْ نَوَى عِنْدَ الْإِخْرَاجِ الْكَفَّارَةَ، وَلَوْ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ فِيهِمَا فَلَهُ بَدَلُ مَا أَخْرَجَهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ التَّبَرُّعَ.
قَوْلُهُ: (عَنْ الْكَفَّارَةِ) وَلَوْ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ أَوْ الْأَذَى فِي الْحَجِّ عَلَى الرَّاجِحِ وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ بِالْمُرَتَّبَةِ لِكَوْنِهَا مَحَلَّ الْكَلَامِ. قَوْلُهُ: (مَنْ مَلَكَ) وَلَوْ سَفِيهًا وَفَارَقَ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ بِأَنَّ مَا هُنَا نَادِرٌ بِدَوْمِ ضَرَرِهِ.
قَوْلُهُ: (فَاضِلًا) حَالٌ مُتَنَازَعٌ فِيهَا، وَفِي جَوَازِهَا فِي الْعَرَبِيَّةِ خِلَافٌ.
قَوْلُهُ: (وَعِيَالِهِ) أَيْ مَمُونِهِ وَعَنْ كُتُبِ فَقِيهٍ: وَخَيْلِ جُنْدِيٍّ وَآلَةِ مُحْتَرِفٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا فِي الْفَلَسِ.
قَوْلُهُ: (ضَخَامَةٍ) أَيْ عُلُوِّ مَرْتَبَةٍ بِلَا مَنْصِبٍ أَوْ عَبَالَةِ الْبَدَنِ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَمِيلُ إلَى الثَّانِي.
قَوْلُهُ: (أَوْ مَنْصِبٍ) بِحَيْثُ يُلَامُ عَلَى مُخَالَفَةِ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ الضَّخَامَةُ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا فَهِيَ مِنْ هَذَا وَيُقَالُ فِي احْتِيَاجِ مُمَوَّنِهِ كَذَلِكَ، وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: يُرَادُ فِي مُمَوَّنِهِ عَدَمُ الْقُدْرَةِ بِالْفِعْلِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (بِالْعُمُرِ الْغَالِبِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْ بِبَاقِيهِ وَبَعْدَهُ سَنَةً بِسَنَةٍ
قَوْلُهُ: (ضَيْعَةٍ) هِيَ مَا يَسْتَغِلُّهُ الْإِنْسَانُ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ شَجَرٍ، أَوْ أَرْضٍ، أَوْ غَيْرِهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَضِيعُ بِتَرْكِهَا.
قَوْلُهُ: (لَا يَفْضُلُ إلَخْ) فَإِنْ فَضَلَ لَزِمَهُ بَيْعُ الْفَاضِلِ إنْ كَفَى بِثَمَنِ رَقَبَةٍ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ أَيْضًا وَلَوْ كَفَى الْفَاضِلُ لَكِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْتَرِيه وَحْدَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ بَيْعُ جَمِيعِهَا، إلَّا إنْ كَانَ الْفَاضِلُ مِنْ ثَمَنِهَا يَكْفِيه الْعُمُرَ الْغَالِبَ فَرَاجِعْهُ. وَقَوْلُ شَيْخِنَا الْمُرَادُ بِالْفَضْلِ أَنْ يَكُونَ لَوْ أَجَّرَ ذَلِكَ، أَوْ اتَّجَرَ فِيهِ سَنَةً حَصَلَ لَهُ مَا يَكْفِي الْعُمُرَ الْغَالِبَ غَيْرُ وَاضِحٍ فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (وَلَا بَيْعُ مَسْكَنٍ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ نَعَمْ لَوْ اتَّبَعَ الْمَسْكَنُ جِدًّا بِحَيْثُ يَكْفِيه بَعْضُهُ بِيعَ بَاقِيهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَأْلُوفِهِ فَهُوَ يُبَاعُ قَطْعًا، وَإِنْ كَانَ مِنْهُ لَزِمَ فَوَاتُ الشَّرْطِ فَرَاجِعْهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْهُ بِرِضَا الْمَالِكِ مِنْ بَابِ أَوْلَى، قَالَ وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا كَانَ عَلَى الطَّالِبِ كَفَّارَةٌ وَنَوَى وَهُوَ كَذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَحْصُلُ إلَخْ) اسْتَشْكَلَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّ فِيهِ الْجَمْعَ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ الْمِلْكِ، وَإِزَالَتِهِ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَيْسَ فِيهِ سِوَى تَأْخِيرِ الْعِتْقِ عَنْ الْإِعْتَاقِ بِقَدْرِ تَوَسُّطِ الْمِلْكِ، وَلَا يَضُرُّ فِي الْعِتْقِ عَنْ الْغَيْرِ، وَنَبَّهَ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ قَطْعًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ مَتَى يَحْصُلُ وَأَنَّ بَعْضَهُمْ اسْتَشْكَلَ تَقْدِيرَ الْمِلْكِ وَقَالَ: مَا الدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَحَدِيثُ السِّرَايَةِ هُوَ الدَّلِيلُ وَهُوَ أَصْلٌ فِي أَنَّ التَّقْدِيرَاتِ الشَّرْعِيَّةَ تُقَدَّمُ عَلَى كَمَالِ أَسْبَابِهَا قَوْلِيَّةً أَوْ فِعْلِيَّةً كَتَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَاَلَّذِي اُسْتُبْعِدَ فِي الْأَقْوَالِ قُرْبُ الْأَمْرِ فِي الْأَفْعَالِ، لِأَنَّ مُوجَبَ اللَّفْظِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى اللَّفْظِ، فَإِنْ فُرِّقَ بِأَنَّ الْأَقْوَالَ تَقْبَلُ الْإِلْغَاءَ بِخِلَافِ الْأَفْعَالِ فَلِذَا اُحْتِيجَ إلَى الْخُرُوجِ عَنْ الْأَصْلِ، أُجِيبَ بِأَنَّهُمْ قَدْ صَرَّحُوا بِحُصُولِ الْعِتْقِ وَانْتِقَالِ الْمِلْكِ، وَلَوْ لُوحِظَ ذَلِكَ الْمَعْنَى لَلَغَا الْعِتْقُ وَلَمْ يَمْلِكْ.
قَوْلُهُ: (أَوْ ثَمَنَهُ فَاضِلًا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ حَالٌ مِنْ الثَّمَنِ وَالْعَبْدِ. اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْعَبْدَ نَكِرَةٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ ابْتِدَاءَهُ بِالْمَعْرِفَةِ سَهَّلَ مَجِيءَ الْحَالِ مِنْهُمَا، قَوْلُهُ: (كَمَنْ مَلَكَ عَبْدًا إلَخْ) فِي جَعْلِ هَذَا خَارِجًا بِمَا سَلَفَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْ. وَلِذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُرَادُ بِالْعَبْدِ فِي عِبَارَتِهِ مَنْ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِخِدْمَةٍ وَنَحْوِهَا اهـ.
وَقَدْ يُعْتَذَرُ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّ مَنْ يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْخِدْمَةِ مَثَلًا غَيْرُ فَاضِلٍ عَنْ كِفَايَتِهِ مِنْ جِهَةِ النَّفَقَةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَكْفِيٍّ فِي أَمْرِ النَّفَقَةِ إذَا عَدِمَ مَنْ يَخْدُمُهُ فِيهَا
قَوْلُهُ: (لَا يَفْضُلُ إلَخْ) أَيْ بِحَيْثُ لَوْ كُلِّفَ بَيْعَ ذَلِكَ عَادَ مِسْكِينًا، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ