وَالْقَدِيمُ يَقْضِي لِوُجُودِ الْإِذْنِ.
(وَمَنْ سَافَرَ لِنَقْلَةٍ حَرُمَ أَنْ يَسْتَصْحِبَ بَعْضَهُنَّ) ، بِقُرْعَةٍ وَدُونَهَا وَأَنْ يُخَلِّفَهُنَّ حَذَرًا مِنْ الْأَضْرَارِ بَلْ يَنْقُلُهُنَّ أَوْ يُطَلِّقُهُنَّ، فَإِنْ سَافَرَ بِبَعْضِهِنَّ قَضَى لِلْمُتَخَلِّفَاتِ، وَقِيلَ لَا يَقْضِي مُدَّةَ السَّفَرِ إنْ أَقْرَعَ (وَفِي سَائِرِ الْأَسْفَارِ الطَّوِيلَةِ وَكَذَا الْقَصِيرَةُ فِي الْأَصَحِّ يَسْتَصْحِبُ بَعْضَهُنَّ بِقُرْعَةٍ) ، وَقِيلَ لَا يَسْتَصْحِبُ فِي الْقَصِيرَةِ لِأَنَّهَا كَالْإِقَامَةِ (وَلَا يَقْضِي مُدَّةَ سَفَرِهِ فَإِنْ وَصَلَ الْمَقْصِدَ) ، بِكَسْرِ الصَّادِ (وَصَارَ مُقِيمًا قَضَى مُدَّةَ الْإِقَامَةِ لَا الرُّجُوعِ فِي الْأَصَحِّ) ، وَقِيلَ يَقْضِي مُدَّةَ الرُّجُوعِ، لِأَنَّهَا سَفَرٌ جَدِيدٌ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ.
(وَمَنْ وَهَبَتْ حَقَّهَا) مِنْ الْقَسْمِ لِغَيْرِهَا عَلَى مَا سَيَأْتِي (لَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ الرِّضَا) ، بِذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا حَقُّهُ، فَلَا يَلْزَمُهُ تَرْكُهُ وَلَهُ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا فِي لَيْلَتِهَا (فَإِنْ رَضِيَ) بِالْهِبَةِ، (وَوَهَبَتْ لِمُعَيَّنَةٍ) مِنْهُنَّ (بَاتَ عِنْدَهَا لَيْلَتَيْهِمَا) كُلَّ لَيْلَةٍ فِي وَقْتِهَا مُتَّصِلَتَيْنِ كَانَتَا أَوْ مُنْفَصِلَتَيْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSسَأَلَتْ، هِيَ الزَّوْجَ لِغَرَضِ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ غَيْرِ سُؤَالِهِ فَكَغَرَضِهَا.
قَوْلُهُ: (لِنَقْلَةٍ) وَإِنَّ قَصُرَ جِدًّا وَيُعْتَبَرُ قَصْدُ النَّقْلَةِ فِي الِابْتِدَاءِ وَإِنْ غَيَّرَهُ بَعْدُ.
قَوْلُهُ: (حَرُمَ) أَيْ بِغَيْرِ رِضَاهُنَّ وَلَهُنَّ الرُّجُوعُ قَبْلَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَخَرَجَ بِاسْتِصْحَابِ بَعْضِهِنَّ تَرْكُهُنَّ فَلَا حُرْمَةَ، وَلَا قَضَاءَ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ.
قَوْلُهُ: (أَوْ يُطَلِّقُهُنَّ) هِيَ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَيُطَلِّقُ بَعْضًا، وَيَسْتَصْحِبُ الْبَاقِيَاتِ وَلَيْسَ لَهُ بَعْثُ بَعْضِهِنَّ مَعَ وَكِيلٍ لَهُ مَحْرَمٍ، أَوْ نِسْوَةٍ وَاسْتِصْحَابُ الْبَاقِيَاتِ لِمَا فِيهِ مِنْ رِفْعَةِ مَقَامِ مَنْ مَعَهُ، وَقَضَى لِلْبَاقِيَاتِ سَوَاءٌ خَرَجَ بِقُرْعَةٍ أَمْ لَا كَذَا فِي كَلَامِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ وَغَيْرِهِ، وَكَلَامُهُمْ فِي ذَلِكَ مُتَدَافِعٌ وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ إنْ نَقَلَهُنَّ كُلَّهُنَّ دَفْعَةً، فَلَا حُرْمَةَ وَلَا قَضَاءَ سَوَاءٌ كُنَّ مَعَهُ أَوْ مَعَ وَكِيلِهِ أَوْ بَعْضُهُنَّ مَعَهُ، وَبَعْضُهُنَّ مَعَ وَكِيلِهِ وَإِنْ نَقَلَهُنَّ مُرَتِّبًا وَجَبَ الْقَضَاءُ فِي الْمُتَخَلِّفَاتِ، سَوَاءٌ كَانَ هُوَ مَعَ السَّابِقَاتِ، وَوَكِيلُهُ مَعَ الْبَاقِيَاتِ، أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ لَا مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمَا فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ.
قَوْلُهُ: (وَفِي سَائِرِ الْأَسْفَارِ) أَيْ الَّتِي تَجُوزُ فِيهَا الرُّخَصُ، وَإِلَّا قَضَى مُطْلَقًا بِقُرْعَةٍ أَوْ سَاكَنَ الْمَصْحُوبَةَ أَوْ لَا قَالَهُ شَيْخُنَا كَالْخَطِيبِ وَقَالَ غَيْرُهُ، أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي إنَّهُ لَا يَقْضِي إلَّا مَا يَقْضِيه لَوْ كَانَ السَّفَرُ مُبَاحًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ، وَيَجِبُ عَلَى مَنْ طَلَبَهَا إجَابَتُهُ، وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا فَإِنْ امْتَنَعَتْ سَقَطَ حَقُّهَا وَلَوْ مَحْجُورَةً، وَقَدْ يُقَالُ وُجُوبُ إطَاعَتِهَا مِنْ حَيْثُ حُكْمُهَا إجَابَتُهُ، وَوُجُوبُ الْقَضَاءِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (بَعْضَهُنَّ) سَوَاءُ صَاحِبَةُ النَّوْبَةِ أَوْ الزِّفَافِ أَوْ غَيْرُهَا، وَلَا يَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْ النَّوْبَةِ أَوْ الزِّفَافِ فَيَقْضِي لَهَا إذَا عَادَ.
قَوْلُهُ: (بِقُرْعَةٍ) إنْ لَمْ يَرْتَضِينَ بِوَاحِدَةٍ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِقُرْعَةٍ وَلَا قَضَاءَ وَلَهُنَّ الرُّجُوعُ قَبْلَ السَّفَرِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَكَذَا بَعْدَهُ مَا لَمْ يَقْطَعْ مَسَافَةَ الْقَصْرِ، فَإِنْ سَافَرَ بِغَيْرِ مَنْ خَرَجَتْ لَهَا الْقُرْعَةُ قَضَى لَهَا زِيَادَةً عَلَى الْبَقِيَّةِ مَا لَا يَقْضِيهِ لَهُنَّ قَالَهُ شَيْخُنَا فَانْظُرْهُ مَعَ مَا بَعْدَهُ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَقْضِي) أَيْ سَوَاءٌ سَافَرَ بِهَا قُرْعَةً أَوْ لَا، وَإِنْ عَصَى بِأَخْذِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ.
قَوْلُهُ: (وَصَارَ مُقِيمًا) أَيْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّرَخُّصُ، وَسَاكَنَ الْمَصْحُوبَةَ لِأَنَّ الضَّابِطَ أَنَّهُ يَقْضِي مُدَّةَ عَدَمِ التَّرَخُّصِ، إنْ سَاكَنَ الْمَصْحُوبَةَ فِي مَقْصِدِهِ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَوْ لِمَا جَاوَزَ مَقْصِدَهُ بِهِ، وَقَالَ شَيْخُنَا يَقْضِي مَا جَاوَزَهُ مُطْلَقًا، وَالْأَوَّلُ مَنْقُولٌ عَلَى النَّصِّ لِأَنَّ لَهُ التَّرَخُّصَ فِيهِ، وَلَوْ كَتَبَ يَسْتَحْضِرُ الْمُتَخَلِّفَاتِ قَضَى مِنْ وَقْتِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ إقَامَتِهِ فَإِنْ أَقَامَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ قُضِيَ مِنْ وَقْتِ الْإِقَامَةِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ، أَوْ قَبْلَ إقَامَتِهِ اُعْتُبِرَتْ إقَامَتُهُ.
تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِنْ هُنَا أَنَّ سَفَرَ غَيْرِ النَّقْلَةِ يَنْقَلِبُ إلَيْهَا دُونَ عَكْسِهِ كَمَا مَرَّ، وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّ الْقَضَاءَ يَكُونُ مُوَزَّعًا، فَيَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا، وَقَالَ السَّنْبَاطِيُّ هُنَا نَقْضِي لِكُلِّ وَاحِدَةٍ، مُتَوَالِيًا بِقَدْرِ حَقِّهَا وَيَحْتَاجُ إلَى الْقُرْعَةِ فِي تَقْدِيمِ بَعْضِهِنَّ عَلَى بَعْضٍ، وَيُقَدِّمُ مُدَّةَ الزِّفَافِ عَلَى غَيْرِهَا فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ وَهَبَتْ حَقَّهَا) وَلَوْ بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّوْرِ بَيْنَهُنَّ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ الرِّضَا) فَلَهُ الرَّدُّ وَلَيْسَ لَنَا هِبَةٌ تَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَا غَيْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ إلَّا هَذِهِ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى قَوَاعِدِ الْهِبَاتِ، وَلِذَلِكَ كَانَ لَهَا الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَتْ، وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ لَيْلَتِهَا، وَيَلْزَمُ الزَّوْجَ الْخُرُوجُ إلَيْهَا حَالًا إنْ عَلِمَ، وَمَا فَاتَهُ قَبْلَ عِلْمِهِ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ وَلَوْ لَيَالِيَ، وَفَارَقَ ضَمَانَ مَا أُبِيحَ نَحْوُ ثَمَرِ بُسْتَانٍ بَعْدَ الرُّجُوعِ، وَقَبْلَ الْعِلْمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْغَرَامَاتِ وَالْإِتْلَافَاتِ، وَلَيْسَ لِلْوَاهِبَةِ أَنْ تَأْخُذَ عَنْ حَقِّهَا عِوَضًا، وَيَلْزَمُهَا رَدُّهُ لَوْ أَخَذَتْهُ وَتَسْتَحِقُّ الْقَضَاءَ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا تَبَعًا مَا لَمْ تَعْلَمْ بِالْفَسَادِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (وَأَنْ يَخْلُفَهُنَّ) اقْتَضَى هَذَا الْإِطْلَاقَ، وَلَوْ كَانَ الْبَلَدُ الْمُنْتَقَلُ إلَيْهِ قَرِيبًا جِدًّا، وَهُوَ مُحْتَمَلُ قَوْلِهِ: (بِقُرْعَةٍ) لَوْ أَقْرَعَ فَخَرَجَتْ لِوَاحِدَةٍ فَأَخَذَ غَيْرَهَا، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقْضِي لِلْمَظْلُومَةِ فَقَطْ لِانْحِصَارِ الْحَقِّ فِيهَا.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَقْضِي مُدَّةَ سَفَرِهِ) أَيْ ذَهَابًا.
قَوْلُهُ: (وَصَارَ مُقِيمًا) أَفَادَ هَذَا الْقَيْدُ أَنَّ الرُّجُوعَ الْفَوْرِيَّ لَا قَضَاءَ فِيهِ لِمُدَّةِ الرُّجُوعِ قَطْعًا قَوْلُهُ: (قَضَى مُدَّةَ الْإِقَامَةِ) أَيْ إنْ لَمْ يَعْتَزِلْهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ رَضِيَ إلَخْ) . قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَيْسَ لَنَا هِبَةٌ يُقْبَلُ فِيهَا غَيْرُ الْمَوْهُوبِ لَهُ إلَّا هَذِهِ قَوْلُهُ: (كُلُّ لَيْلَةٍ فِي وَقْتِهَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ مُنْفَهِمٌ مِنْ قَوْلِهِ لَيْلَتَيْهِمَا.