سَبَقَ نِكَاحُ الْأَمَةِ بِشُرُوطِهِ عَلَى نِكَاحِ الْحُرَّةِ، أَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا فَدَوْرُهُمَا لَيْلَتَانِ لِلْحُرَّةِ، وَلَيْلَةٌ لِلْأَمَةِ وَإِنَّمَا تَسْتَحِقُّ الْأَمَةُ الْقَسْمَ إذَا اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ، بِأَنْ كَانَتْ مُسَلَّمَةً لِلزَّوْجِ لَيْلًا وَنَهَارًا كَالْحُرَّةِ.
(وَتُخَصُّ بِكْرٌ جَدِيدَةٌ عِنْدَ زِفَافٍ بِسَبْعٍ بِلَا قَضَاءٍ) ، لِلْأُخْرَيَاتِ (وَثَيِّبٌ بِثَلَاثٍ) لِحَدِيثِ ابْنِ حِبَّانَ «سَبْعٌ لِلْبِكْرِ وَثَلَاثٌ لِلثَّيِّبِ» (وَيُسَنُّ تَخْيِيرُهَا) أَيْ الثَّيِّبِ (بَيْنَ ثَلَاثٍ بِلَا قَضَاءٍ) لِلْأُخْرَيَاتِ (وَسَبْعٍ بِقَضَاءٍ) لَهُنَّ، كَمَا فَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَالتَّخْصِيصُ الْمَذْكُورُ وَاجِبٌ عَلَى الزَّوْجِ، لِتَزُولَ الْحِشْمَةُ بَيْنَهُمَا، وَيَجِبُ مُوَالَاةُ مَا ذُكِرَ لِأَنَّ الْحِشْمَةَ لَا تَزُولُ بِالْمُفَرَّقِ، فَلَوْ فَرَّقَهُ لَمْ تُحْسَبْ وَاسْتَأْنَفَ، وَقُضِيَ الْمُفَرَّقُ لِلْأُخْرَيَاتِ، وَلَوْ كَانَتْ ثُيُوبَتُهَا بِغَيْرِ وَطْءٍ، فَهِيَ كَالْبِكْرِ فِي الْأَصَحِّ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْجَدِيدَةُ حُرَّةً أَمْ أَمَةً. وَقِيلَ لِلْأَمَةِ نِصْفُ مَا ذُكِرَ مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ لِلْكَسْرِ، وَقِيلَ يَجْبُرُهُ فَلِلْبِكْرِ أَرْبَعٌ وَلِلثَّيِّبِ لَيْلَتَانِ. وَلَوْ زَادَ الْبِكْرَ عَلَى السَّبْعِ قَضَى الزَّائِدَ لِلْأُخْرَيَاتِ، وَكَذَا لَوْ زَادَ الثَّيِّبَ عَلَى ثَلَاثٍ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا يَقْضِي الزَّائِدَ، كَمَا يَقْضِي السَّبْعَ إذَا اخْتَارَتْهَا. .
(وَمَنْ سَافَرَتْ وَحْدَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَنَاشِزَةٌ) ، فَلَا قَسْمَ لَهَا سَوَاءٌ سَافَرَتْ لِحَاجَتِهَا أَمْ لِحَاجَتِهِ (وَبِإِذْنِهِ لِغَرَضِهِ) ، كَأَنْ أَرْسَلَهَا فِي حَاجَتِهِ (يَقْضِي لَهَا) مَا فَاتَهَا (وَلِغَرَضِهَا) كَحَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَتِجَارَةٍ (لَا) يَقْضِي لَهَا (فِي الْجَدِيدِ) وَإِذْنُهُ يَرْفَعُ الْإِثْمَ عَنْهَا،
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (سَبَقَ) أَوْ كَانَتْ الْحُرَّةُ لَا تُعِفُّهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَيْلَتَانِ لِلْحُرَّةِ وَلَيْلَةٌ لِلْأَمَةِ) وَلَا يَجُوزُ غَيْرُ هَذَا فَلَوْ عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ كَانَ أَوْلَى لِإِيهَامِ عِبَارَتِهِ جَوَازَ غَيْرِهِ كَثَلَاثِ لَيَالٍ وَلَيْلَةٍ وَنِصْفٍ، أَوْ أَرْبَعِ لَيَالٍ وَلَيْلَتَيْنِ وَقَوْلُ شَيْخِنَا فِي شَرْحِهِ إنَّ هَذَا مَرْدُودٌ لِعِلْمِهِ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ، وَلَا زِيَادَةَ عَلَى الْمَذْهَبِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، فَتَأَمَّلْ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجْرِي فِي النَّهَارِ لِمَنْ هُوَ أَصْلُهُ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ فِي اللَّيْلِ، وَلَوْ عَتَقَتْ الْأَمَةُ قَبْلَ تَمَامِ نَوْبَتِهَا صَارَتْ كَالْحُرَّةِ أَوْ بَعْدَهَا بَقِيَ لِلْحُرَّةِ لَيْلَتَاهَا، وَلَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ قَضَاءُ مَا فَاتَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْعِتْقِ.
قَوْلُهُ: (بِكْرٌ) بِالْمَعْنَى السَّابِق فِي اسْتِئْذَانِهَا كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (جَدِيدَةٌ) وَلَوْ رَقِيقَةً وَلَوْ بِعَقْدٍ ثَانٍ مِنْهُ أَوْ مُسْتَفْرَشَةً أَعْتَقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَا بِرَجْعَةٍ نَعَمْ إنْ بَقِيَ لَهَا بَعْضٌ مِنْ زِفَافِهَا الْأَوَّلِ وَجَبَ إتْمَامُهُ لَهَا بَعْدَ عَوْدِهَا بِعَقْدٍ أَوْ رَجْعَةٍ مُنْضَمًّا لِمَا لَهَا بِالْعَقْدِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَثَيِّبٌ بِثَلَاثٍ) وَلَوْ بِعَقْدٍ مِنْهُ ثَانٍ كَمَا مَرَّ، وَالْحِكْمَةُ فِي السَّبْعِ وَالثَّلَاثِ أَنَّ السَّبْعَ عَدَدُ أَيَّامِ الدُّنْيَا وَمَا زَادَ عَلَيْهَا تَكْرَارٌ لَهَا، وَأَنَّ الثَّلَاثَ مُغْتَفَرَةٌ فِي الشَّرْعِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الثَّيِّبُ) بِخِلَافِ الْبِكْرِ لَا يَأْتِي فِيهَا تَخْيِيرٌ إذْ لَيْسَ هُنَاكَ مَنْ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ حَقِّهَا، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهَا بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا عِنْدَ الدُّخُولِ لَا عِنْدَ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (وَاجِبٌ عَلَى الزَّوْجِ) الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَسْمُ فِيمَا مَرَّ حُرًّا، أَوْ غَيْرَهُ وَفِي وَلِيِّهِ مَا تَقَدَّمَ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ غَيْرُهَا. أَوْ كَانَ وَلَمْ تَبِتْ عِنْدَهُ فَلَا وُجُوبَ وَيَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى بَقِيَّةِ دَوْرِ مَنْ عِنْدَهُ، إنْ لَمْ تَرْضَ بِتَأْخِيرِهِ لِأَنَّهُ حَقُّهَا فَلَهَا أَنْ تُسْقِطَهُ، وَإِذَا تَمَّ الدَّوْرُ وَالزِّفَافُ أَقْرَعَ لِلِابْتِدَاءِ لِلْجَمِيعِ، وَلَا يَسْقُطُ بِالطَّلَاقِ كَالْقَسْمِ فَتَجِبُ الرَّجْعَةُ أَوْ التَّجْدِيدُ لِتَوْفِيَتِهِ، قَالَ شَيْخُنَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَيَّامَ الزِّفَافِ الْخُرُوجُ لِجُمُعَةٍ وَجَمَاعَةٍ، أَوْ لِنَحْوِ عِيَادَةِ مَرِيضٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، إلَّا بِرِضَاهَا قَالَ وَإِذَا رَضِيَتْ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهَا، مَا لَمْ تُصَرِّحْ بِإِسْقَاطِهِ وَإِذَا بَقِيَ فَهَلْ يُقَدِّمُهُ عَلَى بَقِيَّةِ دَوْرِ مَنْ عِنْدَهُ كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ يُؤَخِّرُهُ عَنْهُ لِرِضَاهَا بِالتَّأْخِيرِ يَظْهَرُ الْآنَ الثَّانِي، وَلَوْ زُفَّ لَهُ امْرَأَتَانِ قَدَّمَ السَّابِقَةَ فَإِنْ كَانَا مَعًا أَقْرَعَ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ مُوَالَاةُ مَا ذُكِرَ) مَا لَمْ تَرْضَ بِغَيْرِهَا، وَلَا يَجِبُ الْفَوْرُ إلَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَدُورَ بِالْقَسْمِ لِغَيْرِهَا، أَوْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ دَوْرٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (قَضَى الزَّائِدَ لِلْأُخْرَيَاتِ) سَوَاءٌ اخْتَارَتْ الزِّيَادَةَ كَعَشْرٍ مَثَلًا أَوْ لَا لِأَنَّهَا لَمْ تَطْمَعْ فِي حَقِّ غَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا) وَلَوْ لِلسَّبْعِ أَوْ بِاخْتِيَارِهَا لِمَا دُونَ السَّبْعِ لِمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (كَمَا يَقْضِي السَّبْعَ) فَإِذَا قُضِيَ يَقْضِي مُوَزِّعًا عَلَيْهِنَّ وَإِنَّمَا قَضَى السَّبْعَ لَا مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ الَّتِي هِيَ لَهَا أَصَالَةً لِأَنَّهَا طَمِعَتْ فِي حَقِّ غَيْرِهَا، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا خَيَّرَ أُمَّ سَلَمَةَ كَمَا مَرَّ «إنْ شِئْت سَبَّعْت عِنْدَك وَسَبَّعْت عِنْدَهُنَّ إنْ شِئْت ثَلَّثْت عِنْدَك وَدُرْت أَيْ بِالْقَسْمِ فَاخْتَارَتْ الثَّلَاثَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -» .
قَوْلُهُ: (وَمَنْ سَافَرَتْ) لِمَا يَجُوزُ فِيهِ النَّقْلُ عَلَى الدَّابَّةِ وَدُونَهُ حَضَرٌ وَخُرُوجُهَا فِيهِ، وَلَوْ لِشُغْلِهَا كَدَابَّةٍ مَثَلًا بِإِذْنِهِ أَوْ عُلِمَ رِضَاهُ لَا يَسْقُطُ الْقَسْمُ وَلَا النَّفَقَةُ. قَوْلُهُ: (وَحْدَهَا) خَرَجَ مَا لَوْ سَافَرَتْ مَعَهُ فَغَيْرُ نَاشِزَةٍ إلَّا إنْ نَهَاهَا عَنْهُ سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى رَدِّهَا، أَوْ لَا خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ نَعَمْ إنْ اسْتَمْتَعَ بِهَا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهَا. قَوْلُهُ: (فَلَا قَسْمَ لَهَا) أَيْ بَعْدَ النُّشُوزِ فَلَوْ كَانَ لَهَا قَسْمٌ سَابِقٌ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهَا.
قَوْلُهُ: (وَبِإِذْنِهِ لِغَرَضِهِ يَقْضِي لَهَا) وَلَوْ مَعَ غَرَضِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَغَرَضُ الْأَجْنَبِيِّ بِسُؤَالِ أَحَدِهِمَا كَغَرَضِهِ، وَبِسُؤَالِهِمَا كَغَرَضِهِمَا وَلَوْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَجِبُ الْإِقْرَاعُ بَيْنَ الْبَاقِيَات، لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ
قَوْلُهُ: (فَدَوْرُهُمَا أَثْلَاثٌ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ لَيْلَتَانِ وَأَرْبَعٌ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ مُجَاوَزَةِ الثَّلَاثِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ.
قَوْلُهُ: (عِنْدَ زِفَافٍ بِسَبْعٍ) أَيْ وَلَاءٌ وَكَذَا الثَّلَاثُ
قَوْلُهُ: (وَاجِبٌ عَلَى الزَّوْجِ) ، أَيْ إذَا كَانَ فِي نِكَاحِهِ غَيْرُهَا يَبِيتُ عِنْدَهَا. نَعَمْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ إنْ تَزَوَّجَ جَدِيدَتَيْنِ لَيْسَ فِي نِكَاحِهِ غَيْرُهُمَا، يَجِبُ لَهُمَا حَقُّ الزِّفَافِ وَحُمِلَ عَلَى مَا لَوْ أَرَادَ الْقَسْمَ لَهُمَا.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ سَافَرَتْ إلَخْ) . أَيْ بِلَا ضَرُورَةٍ كَخَرَابِ الْبَلَدِ وَالزَّوْجُ غَائِبٌ يَسْتَثْنِي الْأَمَةَ، إذَا سَافَرَ بِهَا السَّيِّدُ بَعْدَ أَنْ بَاتَ عِنْدَ، الْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ، فَإِنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى حَقِّهَا مِنْ الْقَسْمِ وَرُبَّمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَحْدَهَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ قَوْلَهُمْ إنَّمَا يَجِبُ لَهَا الْقَسْمُ إذَا سَلَّمْت لَيْلًا وَنَهَارًا لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ حَقَّهَا لَمَّا قَسَمَ لِلْحُرَّةِ، وَقَدْ كَانَتْ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ فَلَمَّا سَافَرَ بِهَا، لَمْ يَسْقُطْ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ بِخِلَافِ النَّاشِزَةِ قَوْلُهُ: (وَلِغَرَضِهَا) لَوْ كَانَ لِغَرَضِهِمَا فَقِيَاسُ الْمُتْعَةِ وَالتَّشْطِيرِ عَدَمُ الْقَضَاء.