وَاسْتِعْمَالِ أَوَانِي الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ (فَإِنْ كَانَ يَزُولُ بِحُضُورِهِ فَلْيَحْضُرْ) إجَابَةً لِلدَّعْوَةِ، وَإِزَالَةً لِلْمُنْكَرِ وَإِنْ لَمْ يَزُلْ بِحُضُورِهِ حَرُمَ الْحُضُورُ، لِأَنَّهُ كَالرِّضَا بِالْمُنْكَرِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى حَضَرَ نَهَاهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا وَجَبَ الْخُرُوجُ إلَّا إذَا خَافَ مِنْهُ بِأَنْ كَانَ بِاللَّيْلِ، فَيَقْعُدُ كَارِهًا وَلَا يَسْتَمِعُ وَلَوْ كَانَ الْمُنْكَرُ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَشُرْبِ النَّبِيذِ حَرُمَ الْحُضُورُ عَلَى مُعْتَقِدِ تَحْرِيمِهِ (وَمِنْ الْمُنْكَرِ فِرَاشُ حَرِيرٍ وَصُورَةُ حَيَوَانٍ) مَنْقُوشَةٌ (عَلَى سَقْفٍ أَوْ جِدَارٍ أَوْ وِسَادَةٍ) مَنْصُوبَةٍ (أَوْ سِتْرٍ) مُعَلَّقٍ (أَوْ ثَوْبٍ مَلْبُوسٍ وَيَجُوزُ مَا عَلَى أَرْضٍ وَبِسَاطٍ) ، يُدَاسُ (وَمِخَدَّةٍ) يُتَّكَأُ عَلَيْهَا (وَمَقْطُوعُ الرَّأْسِ وَصُوَرُ شَجَرٍ) ، وَالْفَرْقُ أَنَّ مَا يُوطَأُ وَيُطْرَحُ مُهَانٌ مُبْتَذَلٌ، وَالْمَنْصُوبُ مُرْتَفِعٌ يُشْبِهُ الْأَصْنَامَ (وَيَحْرُمُ تَصْوِيرُ حَيَوَانٍ) عَلَى الْحِيطَانِ وَالسُّقُوفِ وَكَذَا عَلَى الْأَرْضِ، وَفِي نَسْجِ الثِّيَابِ عَلَى الصَّحِيحِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُصَوِّرُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ» .

(وَلَا تَسْقُطُ إجَابَةٌ بِصَوْمٍ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ صَائِمٌ فَلْيُجِبْ» .

ـــــــــــــــــــــــــــــSبِفُحْشٍ أَوْ كَذِبٍ. قَوْلُهُ: (وَضَرْبُ مَلَاهٍ) أَيْ بِحَيْثُ يُسْمَعُ وَلَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْحُضُورِ لَكِنَّهُ فِي دَارِ الدَّاعِي لَا بِجِوَارِهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ إلَّا إنْ كَانَ لِأَجْلِهِ كَضِيقِ مَحَلِّهِ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (فَلْيَحْضُرْ) أَيْ وُجُوبًا وَلَوْ فِي غَيْرِ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ مِنْ حَيْثُ إزَالَةُ الْمُنْكَرِ، وَإِنْ نُدِبَ مِنْ حَيْثُ الْإِجَابَةُ. قَوْلُهُ: (حَرُمَ الْحُضُورُ) أَيْ الْجُلُوسُ فِي مَحَلِّهِ وَيُكْرَهُ دُخُولُهُ لَا الْمُرُورُ بِهِ. نَعَمْ يَحْرُمُ فِيهِمَا إنْ رَضِيَ بِهِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْتَمِعُ) أَيْ لَا يَقْصِدُ السَّمَاعَ. قَوْلُهُ: (حَرَامٌ) عَلَى مُعْتَمَدِ حُرْمَةِ الْحُضُورِ إنْ كَانَ الْفَاعِلُ يَعْتَقِدُ الْحُرْمَةَ أَيْضًا، فَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ الْفَاعِلُ الْحُرْمَةَ جَازَ لِمُعْتَقِدِ الْحُرْمَةِ الْحُضُورُ لَكِنْ يَسْقُطُ عَنْهُ وُجُوبُهُ وَهَذَا عَلَى وِزَانِ الْإِنْكَارِ كَمَا فِي السَّيْرِ وَشَيْخُنَا وَافَقَ عَلَى ذَلِكَ تَبَعًا لِوَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْمُنْكَرِ فِرَاشُ الْحَرِيرِ) لِلرِّجَالِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَمَتَى جَلَسَ شُهُودُ النِّكَاحِ عَلَى الْحَرِيرِ فُسِّقُوا، وَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ بِهِمْ وَأَمَّا سَتْرُ الْجُدَرَانِ بِهِ وَنَصْبُهُ وَفَرْشُ جُلُودِ النُّمُورِ، فَحَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْمُزَرْكَشُ بِالنَّقْدِ كَذَلِكَ وَمِثْلُهُ نَحْوُ الْمَغْصُوبِ، وَخَرَجَ بِالْفُرُشِ وَمَا مَعَهُ بَسْطُهُ عَلَى الْأَرْضِ يُدَاسُ، وَرَفْعُهُ عَلَى عُودٍ أَوْ فَوْقَ حَائِطٍ مَثَلًا فَلَا حُرْمَةَ.

فَرْعٌ: قَالَ شَيْخُنَا وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ مَا يَقَعُ فِي مِصْرَ مِنْ الزِّينَةِ بِأَمْرِ وَلِيِّ الْأَمْرِ أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّفَرُّجُ عَلَيْهِ وَالْمُرُورُ عَلَيْهِ إلَّا لِحَاجَةٍ مَعَ الْإِنْكَارِ وَيَحْرُمُ فِعْلُهُ إلَّا الْقَدْرَ الَّذِي يَحْصُلُ الْإِكْرَاهُ عَلَيْهِ، وَنَازَعَهُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضِ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَصُورَةُ حَيَوَانٍ) أَيْ وَمِنْ الْمُنْكَرِ ذَلِكَ وَلَوْ لِمَا لَا نَظِيرَ لَهُ كَبَقَرٍ لَهُ مِنْقَارٌ.

قَوْلُهُ: (أَوْ ثَوْبٌ مَلْبُوسٌ) قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ الْمُرَادُ بِهِ الْمَلْبُوسُ بِالْقُوَّةِ أَعْنِي مَا شَأْنُهُ أَنْ يُلْبَسَ، وَمِنْهُ الْمَوْضُوعُ عَلَى الْأَرْضِ لَا لِيُدَاسَ ثُمَّ قَالَا وَيَجُوزُ لُبْسُ مَا عَلَيْهِ صُورَةُ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ وَدَرْسُهُ وَوَضْعُهُ فِي صُنْدُوقِ أَوْ مُغَطًّى فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ مَا عَلَى أَرْضٍ وَبِسَاطٍ) وَطَبَقٍ وَخِوَانٍ وَقَصْعَةٍ لَا نَحْوِ إبْرِيقٍ.

قَوْلُهُ: (وَمَقْطُوعُ الرَّأْسِ) وَكَذَا كُلُّ حَالَةٍ لَا يَعِيشُ مَعَهَا كَتَخَرُّقِ بَطْنٍ وَلَا يَحْرُمُ التَّفَرُّجُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ تَصْوِيرُ حَيَوَانٍ) وَلَوْ عَلَى هَيْئَةٍ لَا يَعِيشُ مَعَهَا مَا لَا نَظِيرَ لَهُ كَمَا مَرَّ أَوْ مِنْ طِينٍ أَوْ مِنْ حَلَاوَةٍ، وَيَصِحُّ بَيْعُهَا وَلَا يَحْرُمُ التَّفَرُّجُ عَلَيْهَا وَلَا اسْتِدَامَتُهَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي الْأَخِيرِينَ فَحَرَّمَهُمَا، وَيُسْتَثْنَى «لِعَبَّ الْبَنَاتِ لِأَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَانَتْ تَلْعَبُ بِهَا عِنْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَحِكْمَتُهُ تَدْرِيبُهُنَّ عَلَى أَمْرِ التَّرْبِيَةِ، وَخَرَجَ بِالْحَيَوَانِ نَحْوُ شَجَرٍ وَقَمَرٍ وَشَمْسٍ، فَلَا يَحْرُمُ فِيهَا شَيْءٌ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَشَدُّ النَّاسِ) أَيْ مِنْ أَشَدِّهِمْ وَفِي رِوَايَةٍ «إنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ. وَلَا صُورَةٌ» وَالْمُرَادُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ زِيَادَةُ نَحْوِ «الْجَرَسِ وَمَا فِيهِ بَوْلٌ مَنْقُوعٌ» . .

قَوْلُهُ: (وَلَا تَسْقُطُ إجَابَتُهُ بِصَوْمٍ) إلَّا فِي رَمَضَانَ قَبْلَ الْغُرُوبِ إذَا كَانَ الْحَاضِرُونَ كُلُّهُمْ صِيَامًا وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ إنِّي صَائِمٌ إذَا سَلِمَ مِنْ الرِّيَاءِ.

قَوْلُهُ: (فَلْيُجِبْ) وَتَمَامُ الرِّوَايَةِ «فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ» أَيْ فَلْيَدْعُ كَمَا فِي رِوَايَةٍ «فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ وَيَطْعَمْ» بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ أَيْ يَأْكُلُ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQيَكُونَ الْمُنْكَرُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجْلِسُونَ فِيهِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَاسْتِعْمَالُ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ يَقْتَضِي أَنَّ وُجُودَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ اسْتِعْمَالٍ لَيْسَ عُذْرًا فِي التَّخَلُّفِ، لَكِنَّ الزَّرْكَشِيَّ بَحَثَ إلْحَاقَ ثِيَابِ الْحَرِيرِ غَيْرِ الْمَلْبُوسَةِ بِالْمَلْبُوسَةِ فِي كَوْنِهَا مُنْكَرًا وَقِيَاسُهُ فِي الْأَوَانِي كَذَلِكَ وَأَوْلَى قَوْلُهُ: (فِرَاشُ حَرِيرٍ) هَذَا لَا يَتَنَاوَلُ نَصْبَهُ عَلَى الْجِدَارِ مَعَ أَنَّهُ حَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.

قَوْلُهُ: (مَنْصُوبَةٌ) أَيْ بِقَرِينَةِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ كَمَا قَيَّدَ الْمِخَدَّةَ بِقَرِينَةِ مَا عُطِفَتْ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ مَا عَلَى أَرْضٍ) أَيْ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لِامْتِهَانِهِ صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ، وَأَمَّا التَّصْوِيرُ فَحَرَامٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَغَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَلَك أَنْ تَقُولَ قَضِيَّةُ جَوَازِ اسْتِعْمَالِ مُمْتَهَنِهِ جَوَازُ التَّصْوِيرِ لِهَذَا الْغَرَضِ كَنَسْخِ الْحَرِيرِ، لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَلَكِنَّ إطْلَاقَهُمْ يَأْبَاهُ عَلَى أَنَّهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ نَقَلَ عَنْ الزُّهْرِيِّ تَحْرِيمَ الِاسْتِعْمَالِ فِي الْمُمْتَهَنِ أَيْضًا وَقَالَ إنَّهُ مَذْهَبٌ قَوِيٌّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَيُجَابُ عَنْ قَطْعِ السِّتْرِ وِسَادَتَيْنِ بِأَنَّ الْقَطْعَ ذَهَبَ بِهِ صُورَةُ التَّمَاثِيلِ انْتَهَى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015