(فَإِنْ شَقَّ عَلَى الدَّاعِي صَوْمُ نَفْلٍ فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ) مِنْ إتْمَامِ الصَّوْمِ، وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ، فَإِتْمَامُهُ أَفْضَلُ أَمَّا صَوْمُ الْفَرْضِ، فَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْهُ مُضَيِّقًا كَانَ أَوْ مُوَسِّعًا كَالنَّذْرِ الْمُطْلَقِ.

وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُفْطِرِ الْأَكْلُ وَقِيلَ يَجِبُ وَأَقَلُّهُ لُقْمَةٌ.

(وَيَأْكُلُ الضَّيْفُ مِمَّا قُدِّمَ لَهُ بِلَا لَفْظٍ) ، مِنْ الْمُضِيفِ اكْتِفَاءً بِقَرِينَةِ التَّقْدِيمِ نَعَمْ إنْ كَانَ يَنْتَظِرُ حُضُورَ غَيْرِهِ، فَلَا يَأْكُلُ حَتَّى يَحْضُرَ أَوْ يَأْذَنَ الْمُضِيفُ لَفْظًا (وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ إلَّا بِأَكْلٍ) فَلَا يُطْعِمُ مِنْهُ السَّائِلَ وَالْهِرَّةَ، وَيَجُوزُ أَنْ يُلْقِمَ مِنْهُ غَيْرَهُ مِنْ الْأَضْيَافِ (وَلَهُ أَخْذُ مَا يَعْلَمُ رِضَاهُ بِهِ) فَإِنْ شَكَّ حَرُمَ الْأَخْذُ.

(وَيَحِلُّ نَثْرُ سُكَّرٍ وَغَيْرِهِ) ، كَاللَّوْزِ وَالْجَوْزِ وَالتَّمْرِ (فِي الْإِمْلَاكِ) عَلَى الْمَرْأَةِ لِلنِّكَاحِ وَفِي الْخِتَانِ (وَلَا يُكْرَهُ فِي الْأَصَحِّ) لَكِنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ، وَقِيلَ يُكْرَهُ لِلدَّنَاءَةِ فِي الْتِقَاطِهِ بِالِانْتِهَابِ، وَقَدْ يَأْخُذُهُ مَنْ غَيْرُهُ أَحَبُّ إلَى صَاحِبِ النِّثَارِ (وَيَحِلُّ الْتِقَاطُهُ وَتَرْكُهُ أَوْلَى) ، كَالنَّثْرِ إلَّا إذَا عُرِفَ أَنَّ النَّاثِرَ لَا يُؤْثِرُ

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُفْطِرِ الْأَكْلُ) إنْ لَمْ يَكُنْ شُبْهَةً وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْأَمْرُ فِي الْحَدِيثِ لِلنَّدْبِ.

قَوْلُهُ: (وَيَأْكُلُ الضَّيْفُ) أَيْ مُرَاعِيًا الْقَرَائِنَ الْقَوِيَّةَ وَالْعُرْفَ الْمُطَّرِدَ وُجُوبًا فَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَى الشِّبَعِ الْعُرْفِيِّ، وَإِنْ لَمْ تَضُرَّهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ رِضَاهُ، وَيَضْمَنُهَا كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيَحْرُمُ أَكْلُ لُقَمٍ كِبَارٍ وَسُرْعَةُ ابْتِلَاعٍ خُصُوصًا إنْ قَلَّ الطَّعَامُ أَوْ لَزِمَ حِرْمَانُ غَيْرِهِ، وَيَحْرُمُ عَدَمُ النَّصَفَةِ مَعَ الرُّفْقَةِ كَجَمْعِ تَمْرَتَيْنِ أَوْ زِيَادَةٍ عَلَى مَا يَخُصُّهَا، أَوْ مَا يُمَاثِلُهُمْ فِيهِ لَوْ كَانَ أَكُولًا أَوْ مَا لَا يُعْلَمُ رِضَا الْمَالِكِ بِهِ، وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الشِّبَعِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَتَحْرُمُ إنْ حَصَلَ بِهَا ضَرَرٌ وَالْمُرَادُ بِالضَّيْفِ هُنَا مَنْ حَضَرَ طَعَامَ غَيْرِهِ، بِدَعْوَتِهِ وَلَوْ عُمُومًا أَوْ يَعْلَمُ رِضَاهُ وَأَصْلُ الضَّيْفِ النَّازِلُ بِغَيْرِهِ لِطَلَبِ الْإِكْرَامِ سُمِّيَ بِاسْمِ مَلَكٍ، يَأْتِي بِرِزْقِهِ لِأَهْلِ الْمَنْزِلِ قَبْلَ مَجِيئِهِ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَيُنَادِي فِيهِمْ هَذَا رِزْقُ فُلَانٍ كَمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ مَأْخُوذٌ مِنْ الضِّيَافَةِ وَهِيَ الْإِكْرَامُ وَضِدُّهُ الطُّفَيْلِيُّ، مَأْخُوذٌ مِنْ التَّطَفُّلِ وَهُوَ حُضُورُ طَعَامِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ دَعْوَةٍ، وَبِغَيْرِ عِلْمِ رِضَاهُ، فَهُوَ حَرَامٌ فَلَوْ دَعَا عَالِمًا أَوْ صُوفِيًّا فَحَضَرَ بِجَمَاعَتِهِ حَرُمَ حُضُورُ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ رِضَا الْمَالِك بِهِ مِنْهُمْ.

قَوْلُهُ: (مِمَّا قُدِّمَ لَهُ) فَلَا يَأْكُلُ الْجَمِيعَ إلَّا إنْ جَرَتْ بِهِ عَادَةٌ أَوْ عُلِمَ رِضَا الْمَالِكِ بِهِ، وَيُنْدَبُ التَّبَسُّطُ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ تَكَلُّفٌ وَإِلَّا حَرُمَ مَعَ الْعَجْزِ وَكُرِهَ مَعَ الْقُدْرَةِ وَلَا يَحْرُمُ الْغُلُوُّ فِي صَنْعَتِهِ مُطْلَقًا وَيَمْلِكُهُ بِوَضْعِهِ فِي الْفَمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيُتِمُّ مِلْكَهُ بِالِازْدِرَادِ. فَلَوْ عَادَ قَبْلَهُ رَجَعَ لِمَالِكِهِ. نَعَمْ مَا يَقَعُ مِنْ تَفْرِقَةِ نَحْوِ لَحْمٍ عَلَى الْأَضْيَافِ يَمْلِكُهُ مِلْكًا تَامًّا بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ، وَكَذَا الضِّيَافَةُ الْمَشْرُوطَةُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ يَمْلِكُهَا بِوَضْعِهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَهُ الِارْتِحَالُ بِهَا وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا بِمَا شَاءَ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ قَالَ شَيْخُنَا وَكَذَا لَوْ فَعَلَ الضَّيْفُ لَهُ فِعْلًا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ.

قَوْلُهُ: (يَنْتَظِرُ حُضُورَ غَيْرِهِ) أَوْ تَمَامَ سِمَاطٍ فِيمَا قَدِمَ، أَوْ مَجِيءَ نَوْعٍ مِنْ الْأَطْعِمَةِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَلَا يَأْكُلُ إلَّا بِإِذْنِ الْمُضِيفِ وَلَوْ بِنَائِبِهِ فِي ذَلِكَ إمَّا لَفْظًا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَإِشَارَةٍ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَصَرَّفُ) أَيْ لَا يَجُوزُ فَيَحْرُمُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَطْعَمُ إلَخْ) أَيْ إلَّا إنْ عَلِمَ الرِّضَا بِهِ.

قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ أَنْ يُلْقِمَ مِنْهُ غَيْرَهُ مِنْ الْأَضْيَافِ) إنْ لَمْ يُعْلَمْ تَخْصِيصٌ مِنْ الْمَالِكِ بِنَوْعٍ وَلَوْ سَافِلًا فَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ خُصِّصَ بِهِ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ غَيْرَهُ، مِنْهُ مُطْلَقًا أَوْ قَبْلَ كِفَايَتِهِ مَثَلًا وَمِنْهُ تَنَاقُلُ الْأَوَانِي بِالْأَطْعِمَةِ، وَلَوْ انْكَسَرَتْ ضَمِنُوهَا لِأَنَّهَا عَارِيَّةٌ.

قَوْلُهُ: (وَلَهُ أَخْذُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ رُجُوعُ الضَّمَائِرِ لِلضَّيْفِ وَالْمُضِيفِ لَهُ وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا الْحُكْمُ بِهِمَا بَلْ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا نَقْدًا أَوْ مَطْعُومًا أَوْ غَيْرَهُمَا مَا يَظُنُّ رِضَاهُ بِهِ وَلَوْ بِقَرِينَةٍ قَوِيَّةٍ فَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِالشَّكِّ، وَقَدْ يَظُنُّ الرِّضَا لِشَخْصٍ دُونَ آخَرَ، وَفِي نَوْعٍ أَوْ وَقْتٍ أَوْ مَكَان دُونَ آخَرَ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ وَيَتَقَيَّدُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَأْخُوذِ بِمَا يُظَنُّ جَوَازُهُ فِيهِ مِنْ مَالِكِهِ مِنْ أَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ هُنَا مِمَّا يُخَالِفُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مُؤَوَّلٌ عَلَى هَذَا، أَوْ غَيْرُ مُرَادٍ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ.

فَرْعٌ: لَا يَضْمَنُ الضَّيْفُ مَا قُدِّمَ لَهُ مِنْ طَعَامٍ وَإِنَائِهِ، وَحَصِيرٍ يَجْلِسُ عَلَيْهِ، وَنَحْوِهِ سَوَاءٌ قَبْلَ الْأَكْلِ وَبَعْدَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُ نَحْوِ هِرَّةٍ عَنْهُ، وَيَضْمَنُ إنَاءً حَمَلَهُ بِغَيْرِ إذْنٍ وَيَبْرَأُ بِعَوْدِهِ مَكَانَهُ. .

قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ نَثْرُ سُكَّرٍ) وَالتَّمْرِ بِالْمُثَنَّاةِ أَوْ الْمُثَلَّثَةِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَغَيْرِهَا.

قَوْلُهُ: (فِي الْإِمْلَاكِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَهِيَ وَلِيمَةُ عَقْدِ النِّكَاحِ كَمَا تَقَدَّمَ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (وَأَقَلُّهُ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ يُسْتَحَبُّ وَقِيلَ يَجِبُ.

قَوْلُهُ: (مِمَّا قُدِّمَ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسِّفْلَةِ إذَا قُدِّمَ لَهُمْ نَوْعٌ أَنْ يَتَجَاوَزُوهُ إلَى مَا قُدِّمَ لِغَيْرِهِمْ، مِنْ الْأَمَاثِلِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَى الشِّبَعِ وَلَوْ زَادَ لَمْ يَضْمَنْ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا تَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَى الشِّبَعِ إلَّا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مُؤْذٍ لِمِزَاجِهِ مُضَيِّعٌ لِمَا أَفْسَدَهُ مِنْ الطَّعَامِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ يَأْذَنُ الْمُضِيفُ لَفْظًا) . مِثْلُهُ الْإِشَارَةُ فَالْمُرَادُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِقَرِينَةِ التَّقْدِيمِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ) أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا يَمْلِكُهُ بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ بِالرَّاجِحِ مِنْ أَنَّهُ بِالِازْدِرَادِ يَتَبَيَّنُ الْمِلْكُ قَبْلَهُ قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ أَنْ يُلْقِمَ مِنْهُ غَيْرَهُ إلَخْ) يُسْتَثْنَى مَا إذَا فَاوَتَ بَيْنَهُمْ فِي الطَّعَامِ.

قَوْلُهُ: (وَيَمْلِكُهُ) أَيْ بِخِلَافِ طَعَامِ الْوَلِيمَةِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِازْدِرَادِهِ عَلَى مَا رَجَحَ مِنْ الْأَوْجُهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَمْلِكْهُ) بِخِلَافِ الْمُتَحَجِّرِ إذَا أَحْيَاهُ غَيْرُهُ وَالْآخِذُ مُتَصَرِّفٌ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ اهـ يُرِيدُ مِلْكَ النَّاثِرِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَقَطَ) أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يَبْسُطْ حِجْرَهُ لَهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015