بِاشْتِرَاطِهِ بِقَوْلِهِ، (فَإِنْ أَوْلَمَ ثَلَاثَةً لَمْ تَجِبْ فِي الثَّانِي) قَطْعًا وَاسْتِحْبَابُهَا فِيهِ دُونَ اسْتِحْبَابِهَا فِي الْأَوَّلِ (وَتُكْرَهُ فِي الثَّالِثِ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْوَلِيمَةُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حَقٌّ، وَفِي الثَّانِي مَعْرُوفٌ وَفِي الثَّالِثِ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ» رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ (وَأَنْ لَا يَحْضُرَهُ لِخَوْفٍ) مِنْهُ لَوْ لَمْ يَحْضُرْهُ (أَوْ طَمَعٍ فِي جَاهِهِ) بَلْ يَكُونُ لِلتَّقَرُّبِ أَوْ التَّوَدُّدِ فَإِنْ أَحْضَرَهُ أَيْ دَعَاهُ لِلْخَوْفِ أَوْ الطَّمَعِ الْمَذْكُورَيْنِ انْتَفَى عَنْهُ طَلَبُ الْإِجَابَةِ. (وَأَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّ مَنْ يَتَأَذَّى) هُوَ (بِهِ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ مُجَالَسَتُهُ) كَالْأَرَاذِلِ فَإِنْ كَانَ، فَهُوَ مَعْذُورٌ فِي التَّخَلُّفِ (وَلَا مُنْكَرٌ) كَشُرْبِ خَمْرٍ وَضَرْبِ مَلَاهٍ،
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْخَطِيبُ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَةُ فِي وَقْتِ طَلَبِ الْوَلِيمَةِ، وَأَوَّلُهُ وَقْتُ الْعَقْدِ فَهُوَ احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ دَعَاهُ قَبْلَ الْعَقْدِ إذْ لَا آخِرَ لِوَقْتِهَا كَمَا مَرَّ، كَذَا قِيلَ فَرَاجِعْهُ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الْمَدْعُوُّ مِمَّنْ يُتَوَهَّمُ فِيهِ رِيبَةٌ كَأَمْرَدَ، وَكَذَا عَكْسُهُ وَمِنْهَا أَمْنُ الْخَلْوَةِ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَأَنْ يَأْذَنَ حَلِيلٌ وَهَذَا فِي غَيْرِ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ، وَفِيهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا مَدْعُوَّةً لِمَا مَرَّ أَنَّهَا لَا تُطْلَبُ مِنْهَا، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ فِي مَالِ الدَّاعِي حَرَامٌ يَقِينًا، وَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ عَيْنُهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ مَالِهِ وَمِنْهَا الْهَدَايَا لِخَوْفٍ أَوْ حَيَاءٍ لِأَنَّ لَهَا حُكْمَ الْغَصْبِ، وَإِنْ كَانَتْ كَرَاهَةُ الْمُعَامَلَةِ مُقَيَّدَةً بِالْكَثْرَةِ نَظَرًا لِلتَّخْفِيفِ فِيهَا وَمِنْهَا أَنْ لَا تَكُونَ الْوَلِيمَةُ مِنْ مَالٍ مَحْجُورٍ، وَلَوْ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَلَا مِنْ مَالِ غَيْرِهِ، وَلَوْ وَلِيًّا إلَّا أَبًا وَجَدًّا وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ الْوَلِيمَةُ مِنْ مَالِ الدَّاعِي، أَوْ مِنْ مَالِ أَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِهِ وَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ أَنْ لَا يَخُصَّ الْأَغْنِيَاءَ، وَإِنْ خَصَّ الْفُقَرَاءَ خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَلَيْسَ دَعْوَةُ أَهْلِ حِرْفَتِهِ فَقَطْ، مِنْ التَّخْصِيصِ وَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ أَغْنِيَاءَ، فَإِنْ خَصَّ انْتَفَى طَلَبُ الْإِجَابَةِ إلَّا إنْ كَانَ تَخْصِيصُهُمْ لِقِلَّةِ مَا عِنْدَهُ مَثَلًا، وَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ أَيْضًا بِقَوْلِهِ وَأَنْ يَدْعُوَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَيْ أَنْ يُخَصِّصَ الدَّعْوَةَ بِهِ، وَمِنْهَا كَوْنُ الدَّعْوَةِ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ كَأَسْأَلُكَ الْحُضُورَ أَوْ أُحِبُّ أَنْ تَحْضُرَ لَا إنْ شِئْت فَاحْضُرْ أَوْ جَمِّلْنَا بِحُضُورِك، بَلْ وَلَا تُسَنُّ فِي ذَلِكَ إلَّا إنْ ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ الْأَدَبِ وَنَحْوِهِ فَتَجِبُ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الشُّرُوطِ صَرِيحًا أَوْ ضِمْنًا.
قَوْلُهُ: (أَوْ بِمِرْسَالِهِ) أَيْ نَائِبِهِ الثِّقَةِ وَالْمُمَيَّزِ الْمَأْمُونِ أَوْ مَنْ اعْتَقَدَ الْمَدْعُوُّ صِدْقَهُ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ.
قَوْلُهُ: (فَلَا تُطْلَبُ) بَلْ تُكْرَهُ إلَّا فِيمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (أَكْمَلَ الْمُرَادَ إلَخْ) لِأَنَّهُ لَيْسَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ شَرْطٌ لِجَعْلِهِ الشَّرْطِيَّةَ فِيهِ لِلتَّخْصِيصِ بِالدَّعْوَةِ، فَعِلْمُ شَرْطِيَّةُ الْيَوْمِ إنَّمَا عُلِمَ مِمَّا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَيْ أَوْقَاتٍ إلَّا لِضِيقِ مَنْزِلٍ أَوْ لِتَعَدُّدِ مَدْعُوٍّ بِجِنْسٍ بَعْدَ جِنْسٍ. قَوْلُهُ: (دُونَ اسْتِحْبَابِهَا فِي الْأَوَّلِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِنَدْبِهِ أَوْ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ.
قَوْلُهُ: (حَقٌّ) أَيْ مَطْلُوبَةٌ طَلَبًا مُؤَكَّدًا مِنْ فَاعِلِهَا وَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَقْصِدَ بِإِجَابَتِهِ الِاقْتِدَاءَ بِالسُّنَّةِ إقَامَةَ الْمَطْلُوبِ، وَإِكْرَامَ أَخِيهِ وَزِيَارَتَهُ لِيُثَابَ عَلَى ذَلِكَ، وَيَكُونَ مِنْ الْمُتَزَاوِرِينَ وَالْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ لَا قَضَاءَ شَهْوَةٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (رِيَاءً وَسُمْعَةً) أَيْ الْغَالِبُ ذَلِكَ فَإِنْ وُجِدَ حَقِيقَةً كَانَ حَرَامًا. قَوْلُهُ: (وَأَنْ لَا يَحْضُرَهُ) أَيْ وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَكُونَ طَلَبُ حُضُورِهِ لِخَوْفٍ مِنْهُ عَلَى نَفْسٍ، أَوْ مَالٍ أَوْ عِرْضٍ أَوْ لِطَمَعٍ فِي جَاهِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ حُضُورِ غَيْرِهِ، مِمَّنْ فِيهِ ذَلِكَ لِأَجْلِهِ بَلْ يَدْعُوهُ لِلتَّقَرُّبِ أَوْ الصَّلَاحِ أَوْ الْعِلْمِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (وَأَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّ إلَخْ) أَيْ وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ الْحَاضِرِينَ فِي مَحَلِّ الدَّعْوَةِ أَحَدٌ يَتَأَذَّى الْمَدْعُوُّ بِهِ إذَا حَضَرَ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا مَثَلًا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ بِخِلَافِ عَكْسِ ذَلِكَ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا وَمِنْهَا التَّأَذِّي بِزَحْمَةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، وَلَا عِبْرَةَ بِعَدَاوَةٍ بَيْنَ الدَّاعِي وَالْمَدْعُوِّ فَلَا يَسْقُطُ بِهَا الطَّلَبُ.
قَوْلُهُ: (أَوْ لَا يَلِيقُ إلَخْ) أَيْ وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ الْحَاضِرِينَ فِي مَحَلِّ الدَّعْوَةِ أَحَدٌ لَا يَلِيقُ بِالْمَدْعُوِّ مُجَالَسَتُهُ عُرْفًا وَفِي عَكْسِهِ مَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (كَالْأَرَاذِلِ) أَيْ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا أَمَّا فِي الدِّينِ فَتَحْرُمُ مُجَالَسَتُهُمْ.
قَوْلُهُ: (وَلَا مُنْكَرٌ) أَيْ وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مُحَرَّمٌ عِنْدَ الْمَدْعُوِّ مِنْ حَيْثُ سُقُوطُ الْإِجَابَةِ، وَعِنْدَهُ وَعِنْدَ فَاعِلِهِ مِنْ حَيْثُ حُرْمَةُ الْحُضُورِ كَمَا سَيَأْتِي، قَالَ شَيْخُنَا وَمِنْ الْمُنْكَرِ اطِّلَاعُ النِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ، وَلَوْ مِنْ نَحْوِ كُوَّةٍ وَاخْتِلَاطُهُمْ بِهِنَّ وَمِنْهُ مُضْحِكٌ لِلنَّاسِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (وَأَنْ يَدْعُوَهُ) يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ فَتَحَ بَابَهُ، وَقَالَ لِيَحْضُرْ مَنْ شَاءَ فَلَا وُجُوبَ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا عَدَمُ السُّنِّيَّةِ فَمَحَلُّ نَظَرٍ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُهَا أَيْضًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ. هَذِهِ الْحَاشِيَةَ سَطَّرْتهَا قَبْلَ النَّظَرِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، ثُمَّ رَأَيْته صَرَّحَ بِحَاصِلِهَا وَأَشَارَ إلَى اسْتِفَادَةِ ذَلِكَ مِنْ الْمَتْنِ بِالْفَاءِ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ فَتَحَ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (وَقَوْلُهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ إلَخْ) . مُرَادُ الشَّارِحِ مِنْ هَذَا أَنَّ عِبَارَةَ الْمَتْنِ أَوَّلًا لَمَّا كَانَتْ تَقْتَضِي عَدَمَ الِاسْتِحْبَابِ حَقًّا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَكْمَلَ مُرَادَهُ بِمَا يَدْفَعُ ذَلِكَ حَيْثُ اقْتَصَرَ فِي كَلَامِهِ الْآتِي عَلَى نَفْيِ الْوُجُوبِ.
قَوْلُهُ: (لَمْ تَجِبْ فِي الثَّانِي) بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ الْوُجُوبَ عَلَى مَنْ لَمْ يُدْعَ فِي الْأَوَّلِ لِعُذْرٍ ثُمَّ دُعِيَ فِي الثَّانِي.
قَوْلُهُ: (وَاسْتِحْبَابُهَا فِيهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ لَا تُفِيدُ الِاسْتِحْبَابَ.
قَوْلُهُ: (وَلَا مُنْكَرٍ) مِنْهُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَنْ يُضْحِكُ النَّاسَ بِالْفُحْشِ وَالْكَذِبِ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَمِنْ الْمَوَانِعِ أَنْ يَكُونَ الْمُولِمُ مُتَكَلِّفًا طَلَبًا لِلْمُبَاهَاةِ وَالْفَخْرِ اهـ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا لَمْ يُشَاهِدْ الْمَلَاهِيَ لَمْ يَضُرَّهُ سَمَاعُهَا كَاَلَّذِي بِجَوَازِهِ وَكَذَا قَيَّدَ صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ عَدَمَ الْوُجُوبِ، بِأَنْ