الْمَحْرَمِ، قَالَ تَعَالَى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ} [النور: 31] وَالثَّانِي يَحْرُمُ نَظَرُهُمَا كَغَيْرِهِمَا، وَالْمُرَادُ بِالْآيَةِ الْإِمَاءُ، وَالْمُغَفَّلُونَ الَّذِينَ لَا يَشْتَهُونَ النِّسَاءَ
(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْمُرَاهِقَ كَالْبَالِغِ) ، فَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ مَنْعُهُ مِنْ النَّظَرِ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ، فَيَلْزَمُهَا الِاحْتِجَابُ مِنْهُ لِظُهُورِهِ عَلَى الْعَوْرَاتِ بِخِلَافِ طِفْلٍ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهَا قَالَ تَعَالَى: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور: 31] ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ كَالْبَالِغِ، فَلَهُ النَّظَرُ كَالدُّخُولِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ إلَّا فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ قَالَ تَعَالَى: {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ} [النور: 58] وَعَلَى هَذَا فَنَظَرُهُ كَالنَّظَرِ إلَى مَحْرَمٍ
، (وَيَحِلُّ نَظَرُ رَجُلٍ إلَى رَجُلٍ إلَّا مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ) ، فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ؛ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ، (وَيَحْرُمُ نَظَرُ أَمْرَدَ بِشَهْوَةٍ) ، وَهُوَ أَنْ يَنْظُرَ فَيَلْتَذَّ، (قُلْت: وَكَذَا بِغَيْرِهَا عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ) ؛ لِأَنَّهُ يُخَافُ مِنْ نَظَرِهِ الْفِتْنَةُ كَالْمَرْأَةِ؛ إذْ الْكَلَامُ فِي الْجَمِيلِ الْوَجْهِ كَمَا قَيَّدَهُ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ، وَالْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ وَغَيْرِهَا، وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ، وَإِلَّا لَأُمِرَ الْمُرْدُ بِالِاحْتِجَابِ كَالنِّسَاءِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ لَمْ يُؤْمَرُوا بِالِاحْتِجَابِ لِلْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ فِيهِ، وَفِي تَرْكِ الْأَسْبَابِ اللَّازِمِ لَهُ وَعَلَى غَيْرِهِمْ غَضُّ الْبَصَرِ عِنْدَ تَوَقُّعِ الْفِتْنَةِ، وَالْخِلَافُ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ وَجَزَمَ عِنْدَ عَدَمِهِ بِالْجَوَازِ، وَزَادَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ قَوْلُهُ أَطْلَقَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى الْأَمْرَدِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَنَقَلَهُ الدَّارَكِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فَأَخَذَ مِنْ هَذَا الْإِطْلَاقِ مَا شَمِلَتْهُ عِبَارَتُهُ فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ الْحُرْمَةِ عِنْدَ عَدَمِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ حَسْمًا لِلْبَابِ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ هُوَ وَلَا
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (وَنَظَرُ مَمْسُوحٍ) أَيْ النَّظَرُ مِنْهُ وَالْخَلْوَةُ كَالنَّظَرِ بِخِلَافِ الْمَسِّ. قَوْلُهُ: (أَيْ ذَاهِبٌ إلَخْ) أَيْ بِحَيْثُ لَمْ تَبْقَ لَهُ شَهْوَةٌ فَإِنْ بَقِيَتْ فَكَالْفَحْلِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (إلَى أَجْنَبِيَّةٍ) وَكَذَا عَكْسُهُ وَتَقْيِيدُهُ بِهَا لِمُنَاسِبَةِ مَا قَبْلَهُ وَلَوْ أَبْدَلَ الْمُصَنِّفُ إلَى بِمَعَ لَكَانَ أَعَمَّ لِشُمُولِهِ لِكَوْنِ النَّظَرِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ أَوْ إلَيْهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْعَبْدَ شَامِلٌ لِلْمَمْسُوحِ، وَأَنَّ السَّيِّدَةَ مَعَ الْعَبْدِ لَا يُقَالُ لَهَا أَجْنَبِيَّةٌ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (فَيَحِلُّ نَظَرُهُمَا) ضَمِيرُ الْمُثَنَّى عَائِدٌ لِلْعَبْدِ وَالْمَمْسُوحِ وَشَرْطُ حِلِّ النَّظَرِ فِيهِمَا الْعَدَالَةُ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا فِي الْمَنْهَجِ بِالْعِفَّةِ فِي الْأَوَّلِ، وَمِثْلُهُ الثَّانِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَشَرَطَ فِي الثَّانِي أَيْضًا اتِّفَاقَ الدِّينِ قَالَ شَيْخُنَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ الْمَرْأَةِ كَمَا يَأْتِي، وَلَا بُدَّ مِنْ الْعِفَّةِ فِي كُلٍّ مِنْ الْعَبْدِ وَسَيِّدَتِهِ فِي حِلِّ نَظَرِ كُلٍّ مِنْهُمَا، كَمَا فِي الْمَنْهَجِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَفِيفًا دُونَ الْآخَرِ امْتَنَعَ النَّظَرُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّ مُفَادَ الْمَنْهَجِ عَدَمُ حِلِّ نَظَرِ كُلٍّ مِنْهُمَا عِنْدَ انْتِفَاءِ عِفَّتِهِمَا، وَذَلِكَ لَا يُفِيدُ مَنْعَ حِلِّ نَظَرِ الْعَفِيفِ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ فَتَأَمَّلْهُ وَهُوَ مَرْدُودٌ بَلْ مَفْهُومُهُ الْمَنْعُ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: 31] دَلِيلُ الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (أَوْ التَّابِعِينَ) دَلِيلُ الْمَمْسُوحِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِالْآيَةِ الْإِمَاءُ) أَيْ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ. (وَالْمُغَفَّلُونَ) أَيْ مِنْ التَّابِعِينَ.
قَوْلُهُ: (أَنَّ الْمُرَاهِقَ) وَهُوَ مَنْ قَارَبَ زَمَنَ الْبُلُوغِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَظْهَرُ عَلَى الْعَوْرَاتِ أَيْ الَّذِي قَدَرَ عَلَى أَنْ يَحْكِيَ مَا يَرَاهُ مِنْ النِّسَاءِ أَمَّا مَنْ لَمْ يَبْلُغْ هَذَا الْحَدَّ فَإِنْ بَلَغَ حَدَّ الشَّهْوَةِ فَكَالْمَحْرَمِ وَإِلَّا فَكَالصَّغِيرِ. قَوْلُهُ: (كَالْبَالِغِ) يُفِيدُ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي كَوْنِهِ نَاظِرًا وَكَوْنِهِ مَنْظُورًا سَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ نَظَرُ رَجُلٍ) وَالْمُرَادُ بِهِ فِي الشِّقَّيْنِ مَا يَعُمُّ الْمُرَاهِقَ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ نَظَرُ أَمْرَدَ) وَلَوْ مَعَ مَحْرَمِيَّةٍ أَوْ مِلْكٍ وَهُوَ أَشَدُّ إثْمًا مِنْ نَظَرِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْمُرَادُ نَظَرُ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ، وَلَوْ شَعْرًا وَظُفْرًا وَإِنْ أُبِينَ كَمَا مَرَّ، وَهُوَ مَا بَيْنَ بُلُوغِ حَدِّ الشَّهْوَةِ إلَى أَوَانِ طُلُوعِ اللِّحْيَةِ وَبُعْدِهِ أَجْرَدَ، وَأَثْطُ بِالْمُثَلَّثَةِ الْمَفْتُوحَةِ قَبْلَ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الثَّقِيلَةِ. قَوْلُهُ: (شَهْوَةٍ) وَكَذَا بِخَوْفِ فِتْنَةٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا بِغَيْرِهَا عَلَى الْأَصَحِّ) عِنْدَهُ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ هُنَا، وَعَلَيْهَا يُقَيَّدُ بِعَدَمِ الْمِلْكِ هُنَا أَوْ الْمَحْرَمِيَّةِ. قَوْلُهُ: (فِي الْجَمِيلِ الْوَجْهِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ النَّقِيِّ الْبَدَنِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (لِلْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ) كَمَا فِي الرِّجَالِ. قَوْلُهُ: (وَفِي تَرْكِ الْأَسْبَابِ) لَفْظُ تَرَكِ سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ وَمَذْكُورٌ فِي بَعْضِهَا وَهُوَ أَوْلَى وَيَدُلُّ لَهُ تَذْكِيرُ اللَّازِمِ. قَوْلُهُ: (الدَّارَكِيُّ) هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ. قَوْلُهُ: (نَصُّ الْأُمِّ) وَفِي نُسْخَةٍ نَصَّ الشَّافِعِيُّ. قَوْلُهُ: (فَأَخَذَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ وَفِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مَا شَمِلَتْهُ عِبَارَتُهُ فِي الْمِنْهَاجِ) وَعَبَّرَ فِيهِ بِالْأَصَحِّ نَظَرًا لِقَوْلِ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ، وَبِالْمَنْصُوصِ نَظَرًا لِنَصِّ الْأُمِّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ إلَخْ) فِيهِ تَحَامُلٌ كَثِيرٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ اخْتَرَعَ فِي الْمَذْهَبِ مَا لَيْسَ مِنْهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ (وَالْمُغَفَّلُونَ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ حِلِّ نَظَرِهِمْ، وَمَا الْمُرَادُ بِهِمْ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَظْهَرُوا إلَخْ) أَيْ لَمْ يَبْلُغُوا أَنْ يَصِفُوا الْعَوْرَاتِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحْرُمُ نَظَرُ أَمْرَدَ) يُقَالُ غُصْنٌ أَمْرَدُ أَيْ لَا وَرَقَ عَلَيْهِ، قَالَ فِي الْكَافِي وَهُوَ أَعْظَمُ إثْمًا مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ بِحَالٍ انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ نَقْلًا عَنْ زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ، وَكَمَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ يَثْبُتُ فِي حَقِّ الْقَرِيبِ، وَكَأَنَّهُ يَعْنِي غَيْرَ الْمَحْرَمِ. قَوْلُهُ: (بِحِكَايَتِهَا) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ مِنْ الْحُرْمَةِ.