(حِلُّ النَّظَرِ بِلَا شَهْوَةٍ إلَى الْأَمَةِ إلَّا مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ) فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ؛ لِأَنَّ الْعَوْرَةَ مِنْهَا، وَالثَّانِي يَحْرُمُ نَظَرُ كُلِّهَا كَالْحُرَّةِ وَسَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ وَالثَّالِثُ يَحْرُمُ نَظَرُ مَا لَا يَبْدُو مِنْهَا فِي الْمِهْنَةِ فَقَطْ، وَالنَّظَرُ بِشَهْوَةٍ حَرَامٌ قَطْعًا لِكُلِّ مَنْظُورٍ إلَيْهِ مِنْ مَحْرَمٍ وَغَيْرِهِ، غَيْرِ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ وَالتَّعَرُّضُ لَهُ هُنَا بَعْضُ الْمَسَائِلِ لَيْسَ لِلِاخْتِصَاصِ بَلْ لِحِكْمَةٍ تَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ، وَالْأَصَحُّ حِلُّ النَّظَرِ (إلَى صَغِيرَةٍ إلَّا الْفَرْجَ) ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَظِنَّةِ الشَّهْوَةِ وَالثَّانِي يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ الْإِنَاثِ أَمَّا الْفَرْجُ، فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ، كَصَاحِبِ الْعِدَّةِ اتِّفَاقًا زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قَوْلُهُ قَطَعَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ بِحِلِّهِ
(وَ) الْأَصَحُّ (إنْ نَظَرَ الْعَبْدُ إلَى سَيِّدَتِهِ، وَنَظَرُ مَمْسُوحٍ) أَيْ ذَاهِبُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ إلَى أَجْنَبِيَّةٍ. (كَالنَّظَرِ إلَى مَحْرَمٍ) فَيَحِلُّ نَظَرُهُمَا نَظَرَ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالرَّوْضِ نَعَمْ يَحْرُمُ نَظَرُ الْجُزْءِ الْمُلَاصِقِ لِلْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ. قَوْلُهُ: (وَالزِّينَةُ مُفَسِّرَةٌ إلَخْ) هَذَا تَفْسِيرٌ مُرَادٌ لِضَرُورَةِ عَطْفِ الْآبَاءِ عَلَيْهِ، فَهِيَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ تَفْسِيرٌ بِمَا يَلِيقُ بِهِ، وَقَدْ تُفَسَّرُ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ كَمَا فِي زِينَةِ الصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] . قَوْلُهُ: (الْمِهْنَةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا الْخِدْمَةُ.
قَوْلُهُ: (إلَى الْأَمَةِ) الْكَامِلَةِ الرِّقِّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالنَّظَرُ بِشَهْوَةٍ حَرَامٌ قَطْعًا) هُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَبْلَهُ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَمُرَادُ الشَّارِحِ بِذَلِكَ دَفْعُ مَا يُقَالُ تَقْيِيدًا لِمُصَنَّفٍ بِعَدَمِ الشَّهْوَةِ لَا مَحَلٌّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ مَعَهَا أَيْضًا، وَحَاصِلُ الدَّفْعِ أَنَّ الْحُرْمَةَ مَعَ الشَّهْوَةِ مَعْلُومَةٌ لَا تَحْتَاجُ إلَى تَنْبِيهٍ، وَالتَّعَرُّضُ لَهَا لَيْسَ لِأَجْلِ اعْتِبَارِ مَفْهُومٍ، وَإِنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ حِكْمَةٍ تَتَوَقَّفُ عَلَى التَّأَمُّلِ، وَالْمُرَادُ بِكُلِّ مَنْظُورٍ إلَيْهِ مِمَّا هُوَ مَحَلُّ الشَّهْوَةِ لَا نَحْوُ بَهِيمَةٍ وَجِدَارٍ قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَلَمْ يُوَافِقْهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَجَعَلَهُ شَامِلًا حَتَّى لِلْجَمَادِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ فِي الْأَوَّلِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَالتَّعَرُّضُ لَهُ) أَيْ لِلنَّظَرِ بِشَهْوَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَوْ تَذَكَّرَ الشَّهْوَةَ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا وَهَذَا أَوْلَى، أَوْ مُتَعَيِّنٍ لِلْمُتَأَمِّلِ، وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ لِمَحْذُوفٍ أَوْ عَائِدٌ إلَيْهَا، وَذِكْرُهُ بِاعْتِبَارِ الْمُضَافِ، أَوْ الْمَحْذُوفِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (لِحِكْمَةٍ إلَخْ) الْوَجْهُ فِيهَا أَنَّ ذِكْرَهَا يَكُونُ تَارَةً لِتَقْيِيدِ مَحَلِّ عَدَمِ الْخِلَافِ، وَتَارَةً لِجَوَازِ النَّظَرِ بِدُونِهَا، وَتَارَةً لِوُقُوعِ اسْتِدْرَاكٍ بَعْدَهَا، وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَأَنَّ عَدَمَ ذِكْرِهِ تَارَةً يَكُونُ لِلتَّقْيِيدِ بِمَحَلِّ الْخِلَافِ، وَتَارَةً لِنَفْيِ الشَّهْوَةِ فِي ذَاتِهَا وَتَارَةً لِغَيْرِ ذَلِكَ، وَمَا قِيلَ فِي حِكْمَتِهَا بِغَيْرِ هَذَا غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ، وَلَا مَنْظُورٍ إلَيْهِ، كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مُرَاجَعَتِهِ وَتَأَمُّلِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ إلَى صَغِيرَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى إلَى الْأَمَةِ لَا بِقَيْدِ عَدَمِ الشَّهْوَةِ لِانْتِفَائِهَا هُنَا فِي ذَاتِهَا بِدَلِيلِ مَا عَلَّلَ بِهِ، وَتَقْيِيدُ الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ بِهَا مَعَ ذِكْرِ الْعِلَّةِ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ، أَوْ بِحَسَبِ مَا فَهِمُوهُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَبِذَلِكَ يَرِدُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّهُ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ دَفْعًا لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَحْذُورِ وَهُوَ الْعَطْفُ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (إلَى صَغِيرَةٍ) وَالصَّغِيرُ مِثْلُهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ نَظَرًا إلَى أَنَّ فَرْجَهَا أَفْحَشُ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الْفَرْجُ) أَيْ مِنْ الصَّغِيرَةِ وَالصَّغِيرِ كَمَا عُلِمَ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَنْقُضُ مَسُّهُ الْوُضُوءَ مِنْ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ، وَكَذَا مَحَلُّ نَبَاتِ الْعَانَةِ فِيهِمَا، قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ فِيهِمَا إلَّا لِحَاجَةٍ) كَزَمَنِ الرَّضَاعِ وَالتَّرْبِيَةِ لِنَحْوِ الْأُمِّ وَغَسْلِ نَجَاسَةٍ وَمُدَاوَاةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (زَادَ فِي الرَّوْضَةِ) ذَكَرَهُ لِرَدِّ دَعْوَى الِاتِّفَاقِ لَا لِلْحُكْمِ.
قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّ نَظَرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ نَظَرَ الْعَبْدِ وَالْمَمْسُوحِ مَعْطُوفٌ عَلَى حَلَّ قَبْلَهُ فَيُفِيدُ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الشَّهْوَةِ فَتَأَمَّلْهُ. وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُرَاهِقِ الْآتِي، وَالْمُرَادُ بِالْعَبْدِ الْمَمْلُوكُ كُلُّهُ لِسَيِّدَتِهِ وَلَيْسَ مُكَاتَبًا لَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. فَالْمُكَاتَبُ وَالْمُبَعَّضُ وَالْمُشْتَرَكُ كَالْأَجْنَبِيِّ مَعَهَا بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُبَعَّضَةِ وَالْمُشْتَرَكَةِ مَعَ سَيِّدِهِنَّ فَكَالْمَحْرَمِ قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْعَلْقَمِيُّ. قَوْلُهُ: (إلَى سَيِّدَتِهِ) أَيْ وَعَكْسُهُ كَمَا يَأْتِي قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَإِنْ اخْتَلَفَا إسْلَامًا وَكُفْرًا فَرَاجِعْهُ مَعَ مَا يَأْتِي.
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْمِهْنَةِ) قَالَ ابْنُ السَّيِّدِ الْمِهَنُ الْمَصْدَرُ، وَالْمِهْنَةُ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ، وَبِالْكَسْرِ الْهَيْئَةُ وَمَعْنَاهَا الِابْتِذَالُ لِلْخِدْمَةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَلَّ النَّظَرُ بِلَا شَهْوَةٍ) قَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَيْضًا، بِأَنْ لَا يَخَافَ الْفِتْنَةَ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: (فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ) أَيْ كَالْأَمَةِ وَالْأَمْرَدِ قَوْلُهُ: (وَالْحِكْمَةُ إلَخْ) هِيَ فِي الْأَمَةِ التَّوْطِئَةُ لِبَيَانِ مَحَلِّ اسْتِدْرَاكِهِ الْآتِي وَكَذَا فِي الْأَمْرَدِ فَإِنْ قُلْت: كَانَ يَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِمِثْلِ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى بَدَنِ الْأَجْنَبِيِّ قُلْت قَدْ قَالَ فِيهَا إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً، وَهُوَ مُحَصِّلٌ لِلْغَرَضِ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ اشْتِرَاطَ عَدَمِ الشَّهْوَةِ أَيْضًا، فَإِنْ قُلْت قَوْلُهُ وَإِلَى صَغِيرَةٍ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ الْأَمَةِ فَيَكُونُ قَيْدُ عَدَمِ الشَّهْوَةِ مَذْكُورًا فِيهَا، وَلَيْسَ فِيهَا مَعْنًى مِمَّا ذَكَرْتُهُ، قُلْت قَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَيْدَ عَدَمِ الشَّهْوَةِ لَمْ يَرِدْ فِيهَا حَيْثُ قَالَ: وَالْأَصَحُّ حِلُّ النَّظَرِ إلَى الصَّغِيرَةِ وَلَمْ يَقُلْ بِلَا شَهْوَةٍ. نَعَمْ كُلُّ هَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ إنَّمَا يَحْسُنُ اعْتِذَارًا عَنْ الْمُؤَلِّفِ، وَأَمَّا الِاعْتِذَارُ عَنْ الْمُحَرَّرِ، فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ قَيَّدَ بِهَا فِي الْأَمْرَدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْحُرْمَةَ إلَّا عِنْدَ الشَّهْوَةِ، وَتَعَرَّضَ لَهَا فِي مَسْأَلَةِ الْأَمَةِ نَظَرًا إلَى كَثْرَةِ اخْتِلَافِ الْأَصْحَابِ فِيهَا، فَاعْتَنَى بِهَا وَحَرَّرَ مَحَلَّ اخْتِلَافِهِمْ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي مَسْأَلَةِ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى بَدَنِ الْأَجْنَبِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، اطَّلَعْت إلَى الْمُحَرَّرِ فَرَأَيْته لَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِ الشَّهْوَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَمَةِ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَحْرُمُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ لَمْ أَجِدْ حِكَايَةَ الْخِلَافِ فِي وَجْهِهَا إلَّا فِي الْوَسِيطِ، وَيَكَادُ أَنْ يَكُونَ خَرْقًا لِلْإِجْمَاعِ، وَالتَّعْلِيلُ بَاطِلٌ بِالْمَحَارِمِ، فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ النَّظَرِ إلَى وُجُوهِهِنَّ، وَهَذِهِ أَوْلَى لِخُرُوجِهَا عَنْ مَظِنَّةِ الشَّهْوَةِ فِي حَقِّ جَمِيعِ النَّاسِ.
قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَحْرُمُ إلَخْ) مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْمَمْسُوحِ فِي النَّظَرِ خَاصَّةً كَمَا فَرَضَهَا الْمُؤَلِّفُ، وَأَمَّا الدُّخُولُ عَلَيْهِنَّ فَجَائِزٌ قَطْعًا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا اتَّجَهَ التَّحْرِيمُ قَطْعًا بِنَاءً عَلَى تَحْرِيمِ نَظَرِ الذِّمِّيَّةِ إلَى الْمُسْلِمَةِ.