الوزير الحكيم
أبو عامر ابن ينق
رحمه الله تعالى
اشتمل على البدائع واحتوى، وركب على مهرة الإجادة واستوى، وشعره رائق المحيا والأقسام، مسفر والوجوه الوسام، إلا أنه قليل المادة في التوشيح، يسير السبك له والتوشيح، له في الطلب قدم سابقة، ويد فيه سائقة، وله في الرد على ابن غرسية رسالة أعجز فيها وأبدع، ونظم فيها البدع، مع ماله من رسائل تروق ترصيعا وتقسيما، وترف بروض الكلام نسيما، وقد أتيت من توشيحه ما يزدهيك سرورا وتجتليه نورا. فمن ذلك قوله:
فتكت بالعميد إلحاظ تلك الغيد ... وانثنت كالصعاد تهتز يوم الطراد
رحن بين الرباط ... مشي القطا المبهور
كالعوالي السباط ... مهفهفات الخصور
كالظباء العواطي ... أو المها المذعور
يثنين وشي البرود على غصون القدود ... وهن ذات تهاد ثني القنا المنئاد
صاح عج بالكثيب ... وحيّ فيه مواقف
من عاطرات الجيوب ... تبض نبض الموالف
واضحات غروب ... تزهي بحلو المراشف
أيّ ريق برود لحر صب عميد ... ما يصد الغواد تُصَدُّ عنه صوادي