على أن المتبادر إلى الذهن بإزاء هذا الوضع أن التبعة إنما تقع على منهج الهيئة في مثل هذا الموقف، إذ ترى أن مسئوليتها تتحدد في إتقان الإخراج والضبط دون التعرض لقيمة المضمون!. وهذا قد يكون مقبولا في المَرويات الخفيفة لا في كتاب الأغاني الذي تُقَدمه/ المؤسسة المصرية العامة- في التصدير الأول المؤرخ عام 1963 م- بأنه (الموسوعة الأدبية الجامعة) ومن قبلُ يصفه رئيس المجلس الأعلى لدار الكتب المصرية/ على ماهر باشا- في التصدير الثاني ص 7 والمؤرخ في مايو 1225- بأنه (الكتاب الجليل القدر الذي يُعَد مصدراً للأدب العربي وينبوعاً يغترف منه كل متأدب ولا يستغني عنه أديب..) وهو تعريف لا ينافي الواقع عندما يُنظر إليه من حيث الكثافة الثقافية التي يستوعبها الكتاب، وتؤيدها الأسانيدُ الصحيحةُ، ولكنه لا ينبغي أن يشمل التفاهات التي لا يُقرها عقل ولادين وتُسقط رواية مؤلفِها عند العلماء الثقات كالإمام ابن الجوزي الذي يقول عنه إنه (يصرح في كتبه بما يوجب عليه الفسق.. ومن تأمل كتاب الأغاني رأى كل منكر وقبيح) - التصدير ص 10- ومعلوم عند أهل المروءة والدين أن الفاسق ساقط الشهادة.

ومن يدري.. فلعل الهيئة الفاضلة قد تأثرت بتوجيهات المستشرقين في اعتبارهم هذا الكتاب ذروة التراث العربي، دون اهتمام بما وراء تلك الدعاية المدخولة من أهداف خبيثة، ودون أي رعاية لمعايير الفكر الإسلامي السليم، الذي هو الوحيد بين مواريث الأمم الذي يستمد مقوماته من منابع الوحي الذي لا يأتيه الباطل.. وهذا الضرب من التغرير هو ديدن الكفرة من المستشرقين. الذين يحدوهم العداء الموروث للإِسلام إلى إذاعة كل ما ينالا حقيقتَه من كتب الفِرَق الضالة والتصوف الغالي، فيُشيدون بها على أنها الممثلة لجوهر الإسلام، ولا غرض لهم سوى إفساد الضمير الإسلامي..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015