الذي جرَّأ به الغُواة على التشكيك في بعض حقائق الوحي تحقيقا لرغبة أساتيذه من المنصِّرين والمستشرقين..

وما مثله ومثل سلفه صاحب (الأغاني) في ذلك إلا كمثل أولئك الذين يقول الشاعر القديم فيهم:

أن يسمعوا ريبة طار ابها فرحا

...

عنى وما علموا من صالح دفنوا

وأخيرا.. إن مثل هؤلاء لا يسعد قلب المؤمن بصحبتهم فكيف إذا امتدِّز منها إلى المدى الذي اضطررنا إليه في هذا العرض، فلْنُنْهِ هذه الرحلةَ بالخاتمة التي اختارها صاحب الأغاني لأثيره كبير المفسدين إبراهيم بن ماهان الملقب بالموصلي. ويأبى الأصفهاني إلا أن يطبع هذه الخاتمة بسواة جديدة يلصقها بذكر الرشيد، إذْ جاءه الخبر بموت هذا الخليط العجيب - في يوم واحد - إبراهيم الموصلي والكسائي النحوي، والشاعر النظيف ابن الأحنف، وهُشَيمةَ الخمارة - بل القوادة على رأى اسحق في رثائه إياها - فما كان من الرشيد إلا أن ندب ابنَه المأمون للصلاة عليهم صفا - 5/165 - وبذلك استوى هؤلاء الأربعة باستحقاق التكريم في دولة الخليفة العظيم- على رأي ذلك المفتري الأثيم-!.

بيد أن ابن سبابة أو أبا الأسد، وهما من غواة إبراهيم، كان أعلم به وبمكانته الحقيقية إذ يقول أحدهما في رثائه:

ستبكيه المزاهروالملاهي

...

وتُسعدُهنَّ عاتقةُ الدِنان

وتبكيه الغَوِّيةُ إذ تولّى

...

ولا تبكيه تاليةُ القُران

(5/ 256)

وحقا إن موت نظراء الموصلي وهشيمة لأحق بدموع الخلعاء السفهاء من أدوات الشيطان، ولن يجعل الله لأشباههم حظاً في عيون حَمَلَةِ القرآن..

والحمد لله.. ولا حول ولا قوة إلا بالله ...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015