الكتاب منذ العام 1868 حتى 1927 م عدد من كبريات الهيئات العلمية كان آخرها/ المؤسسة المصرية العامة للتأليف والطباعة والنشر/ وعدد من عِلْية المثقفين، ويكفي أن يكون على رأس آخرهم عمالقة مثل الشاعر حافظ إبراهيم وأحمد نسيم والعلامة أحمد تيمور باشا والأستاذ محمد الخضري وأحمد أمين. منهم المصحح ومنهم المدقق والمُراجع.. وقد ظهر أثر هؤلاء الكبار بارزاً! اضبط الأعلام والغريب والشعر والأماكن والمصطلحات، فجاءت هذه الطبعة على غاية من الدقة خالية من كل الأخطاء التي شوهت الطبعتين السابقتين. وهو جهد يستحق الثناء ونتمنى أن يكون نصيبَ كل مطبوع هام من تراثنا الأثير..
على أن المطلع على هذا المجهود المتكامل لا يسعه إلا أن يتساءل أيضا: ألم يكن من حق هذا التراث على تلك اللجان الممتازة من كبار العلماء المسلمين وأدبائهم أن يوجهوا بعض هذا الجهد لتطهير الكتاب من هاتيك الشوائب التي دُست على تاريخ الإسلام فشوهت الكثير من معالمه وسِيَرِ أعلامِه!!.
لاجرم أن ضبط الألفاظ ذات الدلالات العلمية والاصطلاحية عمل مشكور تقتضيه الأمانة، ولكن حق الأمة مورِثةِ هذا التراث أمانة في عنق أولي العلم، وهي تقتضيهم كذلك أن يُعنَوا بالحفاظ على موجباتها فيتعقبوا كل نبأ يغمط هذا الحق بالنظر في إسناده وإتباعه بالرأي الذي يكشف ما وراءه من نية مدخولة أو واقع صحيح، ولوهم فعلوا، وفي طوقهم أن يفعلوا، لأنصفوا الحقيقة، ولصححوا نظرة القراء إلى ماضي هذه الأمة بدلا من التطويح بهم في مجاهل الضياع.. ولم لا.. وهم أحق الناس بتدقيق الأسانيد ومعرفة رجالها والتمييز بين مجروحِهم ومعدَّلِهم، وإنه لمن المتعذر الظن بأن هؤلاء السادة كانوا يواجهون كل هاتيك المفتريات الصارخة على تاريخنا وهم عاجزون عن تقييمها، حتى يختلط الحق بالباطل، ويخرج قارئها السليم القلب وهو أقرب إلى تصديقها، أخذاً بشهادة هذه الثلة الكريمة المشرفة على إخراج الكتاب جملة وتفصيلا!. ولا جرم أن لإغضاء الهيئة الفاضلة على هاتيك البوائق أثراً لا ينكر في إعطائها صفة الوقائع الحاسمة، ومن ثَم تعميمها، ثم الإسهام مع مؤلفها! اتشويه تاريخنا العريق!.