(1) منها - الجناس التّام: وهو ما اتفق فيه اللفظان المتجانسان في أربعة أشياء، نوع الحروف، وعددها، وهيئآتها الحاصلة من الحركات والسكنات، وترتيبها مع اختلاف المعنى.
فان كان اللفظان المتجانسان من نوع واحد: كاسمين، أو فعلين، أو حرفين سمى: الجناس (مماثلاً (?) ومستوفياً) - نحو: (ويوم تقوم الساعة يقسمُ المجرمون ما لبثوا غير ساعة) فالمراد بالساعة الأولى يوم القيامة، وبالساعة الثانية المدة من الزمان، ونحو: رحبة رحبة:
فرحبة الأولى: فناء الدار، ورحبة الثانية: بمعنى واسعة
وإن كانا من نوعين: كفعل واسم، سُمِّي: الجناس مستوفياً، نحو إرع الجار ولو جار - وكقول الشاعر
... ما مات من كرم الزَّمان فإنَّه يحيا لدى يحيى بن عبد الله
فيحيا الأول فعل مضارع، يحيى الثاني اسم الممدوح، ونحو:
... إذا رماك الدهر في معشر قد أجمع الناسُ على بغضهم
... فدارهم ما دُمت في دارهم وأرضهم ما دُمت في أرضهم
والجناس التام: ممّا لا يتفق للبليغ إلا على ندور وقلة: فهو لا يقع موقعه من الحسن حتى يكون المعنى هو الذي استدعاه وساقهُ، وحتى تكون كلمتهُ ممّا لا يبتغي الكاتب منها بدلاً، ولا يجد عنها حولا.
ومنها الجناس غير التام: وهو ما اختلف فيه اللفظان في واحد أو أكثر من الأربعة السابقة (ويجب ألا يكون بأكثر من حرف) واختلافهما: يكون إمّا بزيادة حرف
(في الأول) نحو: دوام الحال من المحال.
أو (في الوسط) نحو: جدّي جهدي
أو (في الآخر) نحو: الهوى مطية الهوان
والأول يسمى «مردوفاً» ، والثاني يُسمى «مكتنفاً» والثالث «مطرّفاً» كقوله تعالى (ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون) - وكقول الشاعر:
فان حلّوا فليس لهم مقرٌّ وإن رحلُوا فليس لهم مفرُّ
وكقوله عليه السلام (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة) ومن اختلاف أعدادها، قولك: هذا بناء ناء ٍ، ومن اختلاف ترتيب الحروف، قوله (في حسامه فتح لأوليائه، وحتفٌ لأعدائه) - ومن هذا: قول الأحنف:
حُسامُك فيه للأحباب فتحٌ ورُمحكَ فيه للأعداء حتفُ
ومن اختلاف الهيئة، قول الشاعر:
الجَدّ في الجد والحِرمان في الكسل فانصب تُصب عن قريب غاية الأمل
(2) ومنها الجناس المطلق - وهو توافق رُكنيه في الحروف وترتيبها بدون أن يجمعهما اشتقاق ٌ، كقوله صلى الله عليه وسلم - (أسلم) سالمها الله (وغفارٌ) غفر الله لها، (وعصيّة) عصت الله ورسوله، فان جمعهما اشتقاق - نحو (لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد) فقيل: يُسمى جناس الاشتقاق (?)