سللته من رحم الغدير ... كأنه صحائف البلّورِ
أو أكرٌ تجسّمت من نور ... أو قطع من خالص الكافور
لو بقيت سلكاً على الدّهور ... لعطلت قلائد النّحور
وأخجلت جواهر البخور ... وسميت ضرائر الثغور
يا حسنه في زمن الحدور ... إذ فيضه مثل حشا المهجور
يهدي إلى الأكباد والصدور ... روحاً تحاكي نفثة المصدور
وروضة زارها الندى فغدت ... لها من الزهر أنجمٌ زهر
تنشر فيها أيدي الربيع لنا ... ثوباً من الوشي حاكه القطر
كأنما شقّ من شقائقها ... على رباها مطارف خضر
ثم تبدّت كأنها حدقٌ ... أجفانها من دمائها حمر
كم ليلة أحييتها ومؤانسي ... طرف الحديث وطيب حث الأكؤس
شبهت بدر سمائها لما دنت ... منه الثريا في قميص سندسي
ملكاً مهيباً قاعداً في روضةٍ ... حيّاه بعض الزائرين بنرجس
حوض يجود بجوهر متسلسل ... ساد الجواهر كلها بنفاستهِ
لا زال عذباً جارياً ببقاء من ... هو مثله في طبعه وسلآسته
أخضر المتين بين حدّيه نورٌ ... من فرند تحار فيه العيون