فإن مقادر الرحمن تجري ... بأرزاق الرّجال من السماء
مقدرة بقبض أو ببسط ... وعجز المرء أسباب البلاء
لا أشتكي زمني هذا فأظلمه ... وإنما أشتكي من أهل ذا الزمن
هم الذئاب التي تحت الثياب فلا ... تكن إلى أحدٍ منهم بمؤتمن
وزهّدني في الناس معرفتي بهم ... وطول اختباري صاحباً بعد صاحب
فلم ترني الأيام خِلاً تسرني ... مباديه إلا ساءني في العواقب
ولا قلت أرجوه لدفع ملمة ... من الدّهر إلا كان إحدى المصائب
أني بلوت الناس أطلب منهمو ... أخا ثقة عند اعتراض الشدائد
فلم أر فيما ساءني غير شامت ... ولم أر فيما سرني غير حاسد
قالوا حبست فقلت ليس بضائري ... حبسي وأي مهند لا يغمد
أو ما رأيت الليث بألف غيله ... كبراً وأوباش السباع تردّد
والشمس لولا أنّها محجوبةٌ ... عن ناظريك لما أضاء الفرقد
والبدر يدركه السّرار فتنجلي ... أيامه وكأنه متجدّد
والغيث يحسره الغمام فما يرى ... إلا وريقه يراع ويرعد
والزاعبية لا يقيم كعوبها ... إلا الثقاف وجذوةٌ تتوقد
والحبس ما لم تغشه لدنيةٌ ... شنعاء نعم المنزل المتودد
بيت يجدد للكريم كرامةً ... ويزار فيه ولا يزور ويحمد
كم من عليل قد تخطاه الردى ... فنجا ومات طبيبه والعوّد
قال البحتري
حاطه الله حيث أمسى وأضحى ... وتولاه حيث سار وحلا
وقال ابن الرومي
لازلت نجماً يهدى ... بك في الضّلال ويستدل
ينبوع عزم يستقى ... منه الصوّاب وستمل
وقال الوزير المهلبي
أراني الله وجهك كل يوم ... صباحاً للتيمّن والسرور
وأمتع مقلتيّ بصفحتيه ... لأقرأ الحسن من تلك السطور
وقال آخر
بقيت مدى الدنيا وملكك راسخٌ ... وطودك ممدودٌ وبابك عامر
يودّ سناك البدر والبدرُ زاهرٌ ... ويقفو نداك البحر والبحر غامر
وهنّئت أياماً توالت سعودها ... كما تتوالى في العقود (الجواهرُ)