قاد الجياد إلى الجياد عوابساً ... شعثاً ولولا بأسه لم تنقد
في جحفل كالسّيل أو كالليل أو ... كالقطر صافح موج بحر مزبد
رد الظلام على الضّحى فاسترجع ... الإظلام من ليل العجاج الأربد
وكأنما نقشت حوافر خيله ... للناظرين أهلةً في جلمدٍ
وكأن طرف الشمس مطروف وقد ... جعل الغبار له مكان الإثمدِ
والبدر أوّل ما بدا متلثماً ... يبدي الضياء لنا بخد مسفر
فكأنما هو خوذةٌ من فضةٍ ... قد ركبت في هامة من عنبر
مداهن يحملن طلّ الندى ... فهاتيك تبرٌ وهذي عقيق
تنظم أوراقها درّهما ... وتنثر منها التي لا تطيق
يميل النسيم بأغصانها ... فبعض نشاوى وبعضٌ مفيق
ويوم ستارته غيمه ... وقد طرّزت رفيفها البروق
جعلتا البخور دخاناً له ... ومن شرر الراح فيه حريق
تظلّ به الشمس محجوبةً ... كأن اصطباحك فيه غبوق
على شجراتٍ رافعات الذيول ... لماء الجداول منها شهيق
أسفر عن بهجته الروض الأغر ... وابتسم الدّوح لنا عن الزهر
أبدى لنا فصل الربيع منظراً ... بمثله تفتن الألباب البشر
وشياً ولكن حاكه صانعه ... لا لابتذال اللبس لكن للنّظر
عاينه طرف السماء فانثنى ... عشقاً له يبكي بأجفان المطر
فالأرض في زي عروسٍ فوقها ... من أدمع القطر نئارٌ من درر