لله في الربوبية، كما قالوا ذلك في الشبهة التي قبلها.

ولكن أجاب المفسرون من علماء الحنفية بأن المشركين لم يعتقدوا في آلهتهم أنها مساوية لله أو مشاركة له في الربوبية والخالقية؛ لأن الآية خرجت مخرج التهكم والسخرية منهم، يدل عليه قوله تعالى في آخر الآية: {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} .

قال الزمخشري (538هـ) والعمادي (983هـ) والآلوسي (1270هـ) ما حاصل كلامهم:

فإن قلت: كيف سموا آلهتهم التي كانوا يعبدونها أندادًا؟ مع أنهم لم يكونوا يزعمون أنها تخالف الله أو تساويه أو تماثله في ذاته تعالى وفي صفاته ولا أنها تخالفه في أفعاله، وإنما عبدوها لتقربهم إلى الله زلفى.

قلت: لما تقربوا إليها وعظموها وسموها آلهة أشبهت حالهم حال من يعتقد أنها ذوات واجبة بالذات مثله قادرة على مخالفته ومضادته، قادرة على أن تدفع عنهم بأس الله عز وجل، وتمنحهم ما لم يرد الله تعالى لهم من خير. فقيل لهم ذلك على سبيل التهكم؛ فتهكم بهم وتشنع عليهم بأن جعلوا أندادًا لمن يستحيل أن يكون له ند واحد فضلًا عن أنداد كثيرة على سبيل الاستعارة التهكمية؛ حيث استعير النظير للمناسب المقرب؛ كما استعير التبشير للإنذار، والأسد للجبان، فإن المشركين جعلوا آلهتهم بحسب أفعالهم وأحوالهم مماثلة له تعالى في العبادة، وهي صفة شنعاء وصفة حمقاء، في ذكرها ما يستلزم تحميقهم والتهكم بهم.

ولله در موحد الفترة؛ زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله عنه حيث يقول في ذلك:

أربًا واحدًا أم ألف رب ... أدين إذا تقسمت الأمور

طور بواسطة نورين ميديا © 2015