تركت اللات والعزى جميعًا ... كذلك يفعل الرجل البصير

وقوله تعالى في آخر هذه الآية: {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} حال عن ضمير (لا تجعلوا) ؛ أي والحال أنكم تعلمون أن آلهتكم لا تماثل الله تعالى، وأنها لا تفعل مثل أفعاله تعالى، ولا تقدر على مثل ما يفعل سبحانه، كما قال تعالى: {هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الروم: 40] .

وقال العلامة محمود شكري الآلوسي (ت 1342) :

(فالمشركون كانوا مشبهة يشبهون آلهتهم بالله تعالى في الإلهية؛ حيث غلوا في تعظيمهم وحبهم، وإن لم يشبهوهم بالله تعالى في كل وجه؛ فكل مشرك مشبه. وهذا التشبيه هو أصل عبادة الأصنام المشركين المشبهين العادلين بالله غيره. قال تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ، وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} ، فهؤلاء جعلوا المخلوق مثلًا للخالق. والند: الشبه؛ يقال: فلان ند فلان، وند ونده أي شبهه ومثله. ومنه قول حسان:

أتهجوه ولست له بند ... فشركما لخيركما الفداء

وقال جرير:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015