وقد صنف نظار المسلمين في ذلك مصنفات متعددة، وجمهور المسلمين يعيبونه عيبًا مجملًا لما يرونه من آثاره ولوازمه الدالة على ما في أهله مما يناقض العلم والإيمان، ويفضي بهم الحال إلى أنواع من الجهل والكفر والضلال.
والمقصود هنا أن ما يدعون من توقف كل مطلوب نظري على مقدمتين لا أكثر ليس كذلك.
وهم يسمون (القياس المضمر) القياس الذي حذفت إحدى (مقدمتيه) ويقولون إنها قد تحذف إما للعلم بها، وإما غلطًا أو تغليطًا.
فيقال إذا كانت معلومة، كانت كغيرها من المقدمات المعلومة، وحينئذ فليس إضمار مقدمة بأولى من إضمار ثنتين وثلاث وأربع، فإن جاز أن يدعى في الدليل الذي لا يحتاج إلى مقدمة، أن الأخرى تضمر محذوفة، جاز أن يدعى فيما يحتاج إلى ثنتين أن الثالثة محذوفة، وكذلك فيما يحتاج إلى ثلاث، وليس لذلك حد، ومن تدبر هذا وجد الأمر كذلك.
ولهذا لا يوجد في كلام البلغاء أهل البيان الذين يقيمون البراهين والحجج واليقينية بأبين العبارات من استعمال المقدمتين في كلامهم، وما يوجد في كلام أهل المنطق، بل من سلك طريقهم كان من المتفيقيهين لطريق العلم عقولًا وألسنة، ومعانيهم من جنس ألفاظهم تجد فيها من الركة والعي ما يرضاه عاقل.