وكان يعقوب بن اسحق الكندي فيلسوف الإسلام في وقته- أعني الفيلسوف الذي في الإسلم، وإلا فليس الفلاسفة من المسلمين، كما قالوا لبعض أعيان القضاة الذين كانوا في زمان ابن سينا من فلاسفة الإسلام؟ فقال: ليس للإسلام فلاسفة- كان يعقوب يقول في أثناء كلامه العدم فقد وجود كذا وأنواع هذه الإضافات.

ومن وجد في بعض كلامه فصاحة أو بلاغة كما يوجد في بعض كلام ابن سينا وغيره، فلما استفاده من المسلمين من عقولهم وألسنتهم، وإلا فلو مشى على طريقة سلفه وأعرض عما تعلمه من المسلمين لكان عقله ولسانه يشبه عقولهم وألسنتهم.

وهم أكثر ما ينفقون على من لم يفهم ما يقولونه ويعظهم بالجهل والوهم، أو يفهم بعض ما يقولونه، أو أكثره، أو كله مع عدم تصوره في تلك الحال لحقيقة ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- وما يعرف بالعقول السليمة، وما قاله له سائر العقلاء مناقضًا لما قالوه، وهو إنما وصل إلى منتهى أمرهم بعد كلفة ومشقة، واقترن بها حسن ظن فتورط من ضلالهم فيما لا يعلمه إلا الله ثم إن تداركه الله بعد ذلك كما أصاب كثيرًا من الفضلاء الذين أحسنوا بهم الظن ابتداء، ثم انكشف لهم من ضلالهم، ما أوجب رجوعهم عنهم، وتبرأهم منهم وردهم عليهم.

وضلالهم في الإلهيات ظاهر لأكثر الناس، ولهذا كفرهم فيها نظار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015