به عليه، فإن كان التلازم من الطرفين، أمكن أن يستدل بكل منها على الآخر، فيستدل المستدل بما علمه منهما على الآخر الذي لم يعلمه ثم إن كان اللزوم قطعيًا، كان الدليل قطعيًا، وإن كان ظاهرًا، وقد يتخلف، كان الدليل ظنيًا. فالأول كدلالة المخلوقات على خالقها سبحانه وتعالى علمه وقدرته ومشيئته ورحمته وحكمته، فإن وجودها مستلزم لوجود ذلك، ووجودها بدون ذلك ممتنع، فلا توجد إلا دالة على ذلك، ومثل دلالة خبر الرسول على ثبوت ما أخبر به عن الله، فإنه لا يقول عليه إلا الحق، إذ كان معصومًا في خبره عن الله، لا يستقر في خبره عنه خطأ البتة. فهذا دليل مستلزم لمدلوله لزومًا واجبًا لا ينفك عنه بحال. وسواء كان الملزوم المستدل به وجودًا أو عدمًا، فقد يكون الدليل وجودًا وعدمًا، ويستدل بكل منهما على وجود وعدم، فإنه يستدل بثبوت الشيء على انتفاء نقيضه وضده، ويستدل بانتفاء نقيضه، على ثبوته، ويستدل بثبوت الملزوم على ثبوت اللازم، وبانتفاء اللازم على انتفاء الملزوم بل كل دليل يستدل به، فإنه ملزوم لمدلوله.

وقد دخل في هذا كل ما ذكروه وما لم يذكروه. فإن ما يسمونه الشرطي المتصل مضمونه الاستدلال بثبوت الملزوم على ثبوت اللازم وبانتفاء اللازم على انتفاء الملزوم؛ سواء عبر عن هذا بصيغة الشرط أو بصيغة الجزم فاختلاف صيغ الدليل مع اتحاد معناه؛ لا يغير حقيقته والكلام إنما هو في المعاني العلية لا في الألفاظ. فإذا قال القائل: إذا كانت الصلاة صحيحة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015