فالمصلي متطهر، وإن كانت الشمس طالعة، فالنهار موجود، وإن كان الفاعل عالمًا قادرًا فهو حي، ونحو ذلك. فهذا معنى وله صحة الصلاة (تستلزم) ثبوت الطهارة، ووله يلزم من صحة الصلاة (صحة) ثبوت الطهارة، وقوله لا يكون مصليًا إلا مع الطهارة، وقوله الطهارة شرط في صحة الصلاة وإذا عدم الشرط عدم المشروط، وقوله كل مصل متطهر. فمن ليس بمتطهر فليس بمصل؛ وأمثال ذلك من أنواع التأليف للألفاظ والمعاني التي تتضمن هذا الاستدلال من (غير) حصر الناس في عبارة واحدة.

وإذا اتسعت العقول وتصوراتها، اتسعت عباراتها. وإذا ضاقت العقول والعبارات والتصورات، بقى صاحبها كأنه محبوس العقل واللسان، كما يصيب أهل المنطق اليوناني تجدهم من أضيق الناس علمًا وبيانًا؛ وأعجزهم تصورًا وتعبيرًا. ولهذا من كان (منهم) ذكيًا، إذا تصرف في العلوم، وسلك مسلك أهل المنطق، طول وضيق وتكلف وتعسف، وغايته بيان البين وإيضاح الواضح من العي، وقد يوقعه ذلك في أنواع من السفسطة التي عافى الله منها من لم يسلك طرقهم، وكذلك تكلفاتهم في حدودهم مثل حدهم للإنسان والشمس بأنها كوكب يطلع نهارًا. وهل من يحد مثل هذا الحد ونحوه إلا من أجهل الناس. وهل عند الناس شيء أظهر من الشمس، ومن لم يعرف الشمس، فأما أن يجهل اللفظ فيترجم له، وليس هذا من الحد الذي ذكروه وإما أن لا يكون رآها لعماه، فهذا لا يكون يرى النهار ولا الكواكب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015