على جنس الطلوع واستدلال بكلي على كلي وكذلك الاستدلال بالكواكب على جهة الكعبة استدلال بجزئي على جزئي كالاستدلال بالجدي وبنات نعش والكوكب الصغير القريب من القطب الذي يسميه بعض الناس القطب، وكذلك الاستدلال بظهور كوكب على ظهور نظيره في العرض والاستدلال بطلوعه على غروب آخر وتوسط آخر، ونحو ذلك من الأدلة التي اتفق عليها الناس. قال تعالى {وبالنجم هم يهتدون} والاستدلال على المواقيت والأمكنة أمر اتفق عليه العرب والعجم وأهل الملل والفلاسفة، فإذا استدل بظهور الثريا على ظهور ما قرب منها مشرقًا ومغربًا ويمينًا وشمالًا من الكواكب، كان استدلالًا بجزئي لتلازمها، وليس ذلك من قياس التمثيل. فإن قضى به قضاء كليًا، كان استدلالًا بكلي على كلي وليس استدلالًا بكلي على جزئي، بل بإحدى الكليتين المتلازمتين على الأخرى.

ومن عرف مقدار أبعاد الكواكب بعضها عن بعض، وعلم ما يقارن منها طلوع الفجر، استدل بما رآه منها على ما مضى من الليل، وما بقي منه، وهو استدلال بأحد المتلازمين على الآخر. ومن علم الجبال والأنهار والترب استدل بها على ما يلازمها من الأمكنة. ثم اللزوم إن كان دائمًا، لا يعرف له ابتداء، بل هو منذ خلق الله الأرض كوجود الجبال والأنهار العظيمة النيل والفرات وسيحان وجيحان والبحر، كان استدلال مطردًا. وإن كان اللزوم أقل من ذلك مدة مثل الكعبة، شرفها الله تعالى، فإن الخليل بناها، ولم تزل معظمة لم يصل عليها جبار قط، استدل بها بحسب ذلك. فيستدل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015