وأما طريق هؤلاء فهي مع ضلالهم في البعض، واعوجاج طريقهم وطولها في البعض الآخر إنما يوصلهم إلى أمر لا ينجي من عذاب الله فضلًا عن أن يوجب لهم السعادة، فضلًا عن حصول الكمال للأنفس البشرية بطريقهم.

بيان ذلك أن ما ذكروه من حصر الدليل في القياس والاستقراء والتمثيل، حصر لا دليل عليه، بل هو باطل.

فقولهم أيضًا: إن العلم المصلوب لا يحصل إلا بمقدمتين لا يزيد ولا ينقص قول لا دليل عليه بل هو باطل؛ واستدلالهم على الحصر بقولهم: إما أن يستدل بالكلي على الجزئي أو بالجزئي على الكلي أو بأحد الجزئين على الآخر، والأول: هو القياس، والثاني، هو الاستقراء، والثالث، هو التمثيل.

فيقال لم تقيموا دليلًا على انحصار الاستدلال في الثلاث، فإنكم إذا عنتم بالاستدلال بجزئي على جزئي، قياس التمثيل، لم يكن ما ذكرتموه حاصرًا. وقد بقى الاستدلال بالكلي على الكلي الملازم له، وهو المطابق له، في العموم والخصوص، وكذلك الاستدلال بالجزئي على الجزئي الملازم له، بحيث يلزم من وجود أحدهما وجود الآخر ومن عدمه عدمه. فإن هذا ليس ما سميتموه قياسًا ولا استقراء ولا تمثيلًا، وهذه هي الآيات، وهذا كالاستدلال بطلوع الشمس على النهار، وبالنهار على طلوع الشمس، فليس هذا استدلالًا بكلي على جزئي، بل الاستدلال بطلوع معين على نهار معين (استدلال) بجزئي على جزئي وبجنس النهار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015