لكن الأنبياء جاءوا بالحق وبقاياه في الأمم وإن كفروا ببعضه. حتى مشركي العرب كان عندهم بقايا من دين إبراهيم فكانوا خيرًا من الفلاسفة المشركين الذين يوافقون أرسطو وأمثاله على أصولهم.
الوجه الخامس: أنه إن كان المطلوب بقياسهم البرهاني معرفة الموجودات الممكنة، فتلك ليس فيها ما هو واجب البقاء على حال واحد أزلاء وأبدًا. بل هي قابلة للتغير والاستحالة، وما قدر أنه من اللازم لموصوفه فنفس الموصوف ليس واجب البقاء. فلا يكون العلم به علمًا بموجود واجب الوجود، وليس لهم على أزلية شيء من العالم دليل صحيح، كما بسط في موضعه وإنما غاية أدلتهم، تستلزم دوام نوع الفاعلية ونوع المادة والمدة، وذلك ممكن بوجود عين بعد عين من ذلك النوع أبدًا، مع القول بأن كل مفعول محدث مسبوق بالعدم، كما هو مقتضي العقل الصريح والنقل الصحيح، فإن القول بأن المفعول المعين مقارن لفاعله أزلًا وأبدًا مما يقضي صريح العقل بامتناعه (في) أي شيء قدر فاعله، لا سيما إذا كان فاعلًا باختياره، كما دلت عليه الدلائل اليقينية، ليست التي يذكرها المقصرون في معرفة أصول العلم والدين، كالرازي وأمثاله، كما بسط في موضعه.
وما يذكرون من اقتران المعقول بعلته، فإذا أريد بالعلة، ما يكون مبتدعًا للمعلول فهذا (باطل بصريح العقل. ولهذا يقر بذلك جميع الفطر السليمة التي لم تفسد بالتقليد الباطل. ولما كان هذا مستقرًا في الفطر كان