قالت شُمَيْسَةُ إذ قامَتْ تودِّعُني ... والدمْعُ يجري على الخدَّين أسْلاكَا
لاَ يُلْهِيَنَّكَ عَنّا بَعْدَ فُرْقَتنَا ... بُعْد المزارِ وإن صَاحْبتَ أمْلاكَا
فقلتُ: لو كنتُ أنساكُمُ يوماً نسيتُكُمُ ... إذ قالَ لي مصعبٌ لو شئتَ أجزاكَا
خَطّان في شِبْر قِرْطاسٍ يَطِيرُ بِهِ ... مِنَّا جَرِيٌّ ونُمْضيِ، قلت: كَلاَّ كَا
لا بُدَّ نظرةٍ أشْفِي بها كَمَدِي ... من أمِّ عمرو قَليلاً ثم ألقَاكَا
دعْ عنك ما فات واكْسُ الرَّحْل مُعْترفاً ... أعطاكه مُصْعبٌ أيامَ ألفاكا
عارٍ جَناحُك قد حُصَّتْ قوادمُهُ ... قد عضّك الدّهر عضّاتٍ فأدماكَا
يا ذا النَّدَى ليس لي في غيركُمْ وَطرٌ ... أغنَيتَنِي بالغِنَى واللهُ أغناكَا
إن أمتدِحْكم فخيرُ القولِ مَدْحُكُمُ ... وقد تُنَالُ بغير المَدْحِ جَدْواكَا
يا أوسع النّاس فَضْلاً بعد والدِهِ ... إن تُعْطِ خيراً فإِن الله أعطاكَا
مَجْداً تطأطأَ عنْهُ كلُّ ذي شرفٍ ... فيَمْنَعُ الناسَ أن يَجْرُوا بمجراكَا
مَدَّ ابنُ أسمَاءَ كفيْهِ بمكرُمةٍ ... وابنُ الرَّبَابِ فقالاَ مصعبٌ هاكَا
أنتَ أبنُنا، ما اجتمعنا قَطُّ في رجُلٍ ... فيستطيعُ له السّاعونَ إدراكَا