على أنه كما أُطلق لفظُ المحدَث ولفظ البدعة في مقام الذم، فقد أُطلق لفظُ السنة كذلك في مقام الذم، ففي الحديث الصحيح: "من سن سنةً سيئة، فعليه وزرُها ووِزْرُ من عمل بها إلى يوم القيامة"، (?) وفي الصحيح أيضًا: "لا تُقتَلُ نفسٌ ظُلمًا إلا كان على ابن آدم الأول كِفْلٌ من دمها، ذلك لأنه أولُ مَنْ سنَّ القتل". (?)
فتعين ردُّ هذه الألفاظ إلى معانيها المقصودة بقرائن سياق الكلام، وإرجاع الآثار الواردة فيها إلى أدلتها الشرعية.
فأما حديث: "مَنْ أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد"، (?) فقال الإمام المازري في كتاب "المعلم في شرح صحيح مسلم": "والمنهياتُ المحرمات كلُّها ليست من أمره - صلى الله عليه وسلم -، فيجب ردُّها". (?) وقال الأبي في "إكمال الإكمال": "ما ليس من أمره هو ما لم يسنَّه ولم يشهد الشرعُ باعتباره، فيتناول المنهياتِ والبدعِ التي لم يشهد الشرعُ باعتبارها. وأما التي شهد الشرع باعتبار أصلها، فهي جائزة، وهي من أمره، كالبدع المستحسنة، كالاجتماع على القيام في رمضان، وكالتصبيح اليوم والتأهيب. (?) فإن