قالوا: لا حكمَ إلا لله"، (?) يعني أنهم أخذوا بظاهر قوله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام: 57، يوسف: 40 و 67]، ولم يتأولوه بما هو المرادُ من الحكم هنا.

والمرادُ بالراسخين في العلم الذين تمكنوا في علم الكتاب ومعرفة محامله، وقام عندهم من الأدلة ما أرشدهم إلى مراد الله تعالى، بحيث لا تروج عليهم الشبه. وأصلُ الرسوخ في كلام العرب الثبات والتمكُّن، فهم يُحسنون مواقعَ التأويل ويعلمونه. ولذا فقوله: "والراسخون" معطوفٌ على اسم الجلالة، وفي هذا العطف تشريفٌ عظيم، كقوله: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ} [آل عمران: 18]. وإلى هذا التفسير مال ابنُ عباس ومجاهد والربيع بن سليمان والقاسم بن عمر، والشافعية، وابن فورك، والشيخ أحمد القرطبي وابن عطية من المالكية. وعلى هذا فليس في القرآن آيةٌ استأثر الله بعلمها. وحكى إمامُ الحرمين عن ابن عباس أنه قال في هاته الآية: "أنا مِمَّنْ يعلم تأويلَه". (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015