"أيُّ أرضٍ تُقِلُّنِي، وأيُّ سماء تُظِلني، إن قلت في كتاب الله بما لا أعلم". (?) وجاء في زمن عمر - رضي الله عنه - رجلٌ إلى المدينة من البصرة يقال له صَبيغ بن شريك أو ابن عسل التميمي، (?) فجعل يسأل الناسَ عن متشابه القرآن وعن أشياء، فأحضره عمر وضربه ضربًا موجِعًا، وكرر ذلك أيامًا فقال: "حسبُك يا أمير المؤمنين، فقد ذهبَ ما كنتُ أجد في رأسي"، ثم أرجعه إلى البصرة، وكتب إلى أبي موسى الأشعري أن يمنع الناس من مخالطته. (?)

ومن السلف مَنْ تأوَّل عند عروضَ الشبهة لبعض الناس، كما فعل ابن عباس فيما ذكرناه آنفًا، قال ابن العربي في العواصم: "من الكائدين للإسلام الباطنية والظاهرية". (?)

قلت: أما الباطنية فقد جعلوا معظمَ القرآن متشابِهًا، وتأولوه بحسب أهوائهم. وأما الظاهرية فقد أكثروا في متشابهه، واعتقدوا سببَ التشابه واقعًا. فالأولون دخلوا في قوله: {وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ}، والآخرون خرجوا من قوله: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}، أو {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ}، فخالفوا السلفَ والخلف. قال ابن العربي في العواصم: "وأصلُ الظاهرية الخوارجُ الذين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015