وقيل: الوقف على قوله {إِلَّا اللَّهُ}، وإن جملة {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم} مستأنَفة. وهذا مرويٌّ عن جمهور السلف، وهو قولُ ابن عمر وعائشة وابن مسعود وأبي، ورواه أشهب عن مالك في جامع العُتْبِيَّة. (?) وقاله عروةُ بن الزبير والكسائي والأخفش والفراء والحنفية، وإليه مال الإمام فخر الدين. (?)

ويؤيد الأولَ الوصفُ بـ "الراسخون في العلم"؛ فإنه دليل بَيِّن على أن الحكمَ الذي أُثبِتَ لهذا الفريق هو حكمٌ من معنى العلم والفهم في المعضلات، وذلك هو تأويلُ المتشابه. على أن أصلَ العطف هو عطف المفردات دون عطف الجمل، فيكون الراسخون معطوفًا على اسم الجلالة. ولو كان الراسخون مبتدأ وجملة "يقولون آمنا به" خبرًا، لكان حاصلُ هذا الخبر مما يستوي فيه سائرُ المسلمين الذين لا زيغَ في قلوبهم، فلا يكون لتخصيص الراسخين فائدة.

قال ابن عطية: "فتسميتُهم راسخين تقتضي أنهم يعلمون أكثر من المحكم الذي يستوي في علمه جميعُ مَنْ يفهم كلامَ العرب. وفي أي شيء هو رسوخهم إذا لم يعلموا إلا ما يعلمه الجميع؟ وما الرسوخ إلا المعرفة بتصاريف الكلام، وموارد الأحكام، ومواقع المواعظ، وذلك كله بقريحة معدة". (?) وفي قوله {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7)}، إشعارٌ بأن الراسخين يعلمون تأويلَ المتشابه. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015