خبثها، وينصع طيبها". (?) وأما كونهم فضلاء، فلكي لا يَختلُّ فضلُ المجموع باختلال فضيلة أجزائه، وقد أشرنا إلى فضل المجموع الذي تتركب منه مدينةُ الرسول آنفا.
ونريد أن ننبه هنا على أن أهل المدينة الفاضلة لا يكونون في الفضل سواسية، ولكن يُشترَط أن يكون الفضلُ متأصِّلًا في نفوسهم. وجماعُ ذلك هو الطاعة لولِيِّ أمرهم. وقد كان المسلمون في الطاعة للرسول أفضلَ مثل لأمة في طاعة قائدها، فكانوا إذا أمرهم رسولُ الله أمرًا في الشؤون العامة والقضايا الخاصة امتثلوا، سواء وافق مرغوبَهم أم لا. قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36]. وقال سهل بن حُنَيف: (?) "لقد رأيتُني يوم أبي جندل (يوم صلح القضية)، ولو أني أستطيع أن أرُدَّ أمرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرددته"، (?) والله ورسوله أعلم. وقال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)} [النساء: 65]، أراد بالحرج المنفي حرجَ توهُّمِ أن يكون قضاءُ الرسول غيرَ عادل.
لقد يندر أن يكون في المدينة الفاضلة سفلةٌ وأراذل؛ لأن المجتمع البشري لا يخلص جميعه من ذوي العاهات النفسية، إلا أن وجودهم لا يضر المجتمع؛ لأنهم