الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26)} [العنكبوت: 26]. وخرج الحكيم سولون من أثينا بعد أن أقام لها الشرائع والعدل والحكومة الشورية، فأفسد أهلُها ذلك وولوا عليهم الملك بيزاستراتث (?). وأخذ ديوجينوس (?) الحكيم مصباحًا في يده في الصباح، وجعل يجول به في شوارع أثينا كأنه يفتش على شيء، فإذا سئل: على ماذا تفتش؟ قال: "لعلي أظفر برجل".

بقيت المدينةُ الفاضلة مرتسمةً في خيال الحكماء، فلم يزالوا يدعون إليها، ويبتغون تأسيسَها، ولكنهم لم يحصلوا على طِلْبَتِهم المنشودة. ذلك أن المدينة الفاضلة يلزم أن يكون رئيسُها حكيمًا صالِحًا عارفًا، وأن يكون أصحابُه - أهلُ الحل والعقد فيها - حكماءَ مثلَ رئيسهم، وأن يكون سكانُها أفاضلَ قابلين لسياسة الحكيم، مطيعين له، غيرَ مفسدين لما يصلحه.

وقد كادت مدينةُ أثينا في زمن سولون أن تكون المدينة الفاضلة، وقد كان سولون يقول: "المملكة البالغة غايةَ الكمال هي التي لا يقبل أهلُها الذلَّ والظلم، وينتصرون للمظلوم كما ينتصرون لأنفسهم". إلا أنها لم تحصل على عامة مطيعين لرؤسائهم إلا في فترات قليلة من الزمن؛ فإن سولون مؤسس شرائع أثينا، ومنظم حكومتها الجمهورية، لم يلبث أن فارق أثينا، وسكن في بلاد مصر، وأبَى الرجوعَ إلى بلده مع شدة رغبة الملك بيزاستراتث في رجوعه، والانتفاع بحكمته، ودارت بينهما في ذلك مراسلة لها شأنُها في التاريخ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015