وهؤلاء كلُّهم قد اقتصرت دعوتُهم على تأسيس جماعة فاضلة، ثم اتسعت الدعوةُ في شريعة موسى اتساعًا يؤذِنُ باقتراب استعداد البشر إلى تلقي التهذيب الكامل، فأخذ في تخطيط ما يصلح لأن يكون تأسيسَ مدينة فاضلة، ولكنه تُوُفِّيَ ولم يقض إلا إصلاحَ الجماعة، إلا أنها كانت جماعة كبيرة. ثم كانت بعده أشكالٌ كثيرة في سياسة بني إسرائيل؛ فكانت أمة فيها فضلاء كثيرون، وفيها دون ذلك.

وجاء دعاةٌ كثيرون مختلطون: أنبياء وحكماء، مثل أنبياء بني إسرائيل حتى عيسى، ومثل لقمان، وذي القرنين، وتُبَّع، وهرمس الأكبر الحكيم المصري الذي قيل إنه النبي إدريس، وبياس (?) الحكيم اليوناني، وسولون المشرِّع اليوناني، ثم سقراط، وأفلاطون. قال الحكيم الجليل يحيى السهروردي في "حكمة الإشراق" وقطب الدين الشيرازي في شرحه بعد أن ذكر أساتذة أرسططاليس:

"ومن جملتهم جماعة من أهل السفارة - أي أهل الكتب السماوية وإصلاح الناس - مثل هرمس - أي إدريس النبي - عليه السلام - وأسقليبوس [صلى الله عليه وسلمsclepius] - أي خادم هرمس وتلميذه الذي هو أبو الحكماء والأطباء (?) - وغيرهم. . . وإنما سَمَّى الثلاثة - وهم عظماء الأنبياء الجامعين بين الفضيلة النبوية والحكمة الفلسفية، [ولهذا قدروا على تدوين الحكمة وإظهار الفلسفة. . . - إما لأنه أخذ العلمَ عن أفلاطن، وهو عن سقراط، وهو عن فيثاغورس. . .، وإما لأنه تلميذُ كتبِهم وكلامِهم، فكانوا معلمين له بالحقيقة] ". (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015