الحرية وصف فِطري في البَشَر؛ فإننا نرى المولودَ ييفع حُرًّا لا يعرف للتقييد شبحًا. وإذ قد كان الإسلامُ دين الفطرة كما وصفه الله تعالى بقوله: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30]، فكلُّ ما هو من أصل الفطرة فهو من شُعَب الإيمان ما لم يمنعه مانع.
ويزيد إعرابًا عن كون الحريّة من أصول الإسلام قولُه تعالى في وصف محمد - صلى الله عليه وسلم - ووصف أتباعه: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: 157]. فالإصر هو التكاليف الشّاقّة، والأغلال غير الإصر، فهي مستعارة للعبودية التي كانوا عليها في الجاهلية، وهي عبودية الأصنام وسَدَنَتِها، وعبودية الملوك، وعبودية القادة أصحاب المرابيع. (?) ومِمَّا يزيد هذا بيانًا قولُ عُمرَ لعمرو بن العاص في قصة ولده الآتية: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا". (?)