الدليل الثاني: أنا نجد أحاديث كثيرة روتها عائشة رضي الله عنها تتضمن ما دار بين رسول الله وبين سائليه، ولم نجد مثلَ ذلك لبقية أمهات المؤمنين. فعلمنا أن ذلك انفردت به عائشة، من أجل قرب بيتها من مجلس الرسول، وقد كان بيتُها بقرب الروضة.
الدليل الثالث: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا شطرَ دينكم عن عائشة". (?) وهو كلامٌ جارٍ مجرى البلاغة في غزارة علمها بالدين، ومن جملة أسباب ذلك اطلاعُها على ما يجري في مجلس رسول الله، وبذلك امتازت على بقية الأزواج.
الدليل الرابع: ما رواه الترمذي عن أبي هريرة أنه قال: "لقد رأيتُني وإنِّي لأَخِرُّ فيما بين منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحجرة عائشة من الجوع مغشيًّا علَيَّ، فيجيء الجائي فيضع رجلَه على عُنقي يُرَى أنَّ بِيَ الجنونَ، وما بي جنون، وما هو إلا الجوع". (?) مع ما رواه البخاري وغيره أن أبا هريرة قال: "يقول الناس أكثر أبو هريرة، وإن إخوانَنَا المهاجرين كان يشغلهم الصَّفَقُ بالأسواق، وكان إخوانُنا من الأنصار يشغلهم العمل في أموالهم، وكنت ألزم رسولَ الله على شبع بطني؛ فأسمع ما لا يسمعون، وأشهد ما لا يشهدون". (?)