وعلى هذا يكون موقعُ قوله: "ليس منهم" و"ليس منا" ونحوه، كموقع قوله عليه الصلاة والسلام: "لا يزنِي الزَّانِي حين يزنِي وهو مؤمن". (?)
التأويل الثاني - وهو التحقيق - أن نعدلَ عما سلكوه من اعتبار لفظ "فليس منا" ونحوه مستعْمَلًا في كلام العرب للنفي من النوع، بل إن العربَ لا يستعملونه إلا استعمالًا شبيهًا باستعمال المثل بلازم هذه الصيغة. فهو خبرٌ مستَعْمَلٌ في معنى الغضب على المخْبَر عنه، وإيذانه بالسخط والقطيعة. وقد تكرر هذا الاستعمالُ في كلام العرب، قال النابغة يحذر عُيَيْنَةَ بن حصن من الغدر ببني أسد:
إِذَا حَاوَلْتَ فِي أَسَدٍ فُجُورًا ... فَإِنِّي لَسْتُ مِنْكَ وَلَسْتَ مِنِّي (?)
فإنه لو حُمِل على المعنى الأصلي لكان تحصيلَ حاصل، إذ ليس عيينةُ بن حصن ببعض من النابغة. وقال بعضُ العرب:
أَيُّهَا السَّائِلُ عَنْهُمْ وَعَنِي ... لَسْتُ مِنْ قَيْسٍ وَلَا قَيْسٌ مِنِي (?)