الإسلام من فكرة الإخاء والمساواة وترك الخضوع لغير الله، وأيَّد ذلك بما حدث من التغالب على الإمارة في بعض وقائع التاريخ الإسلامي، فكأنه ينزع بذلك إلى أن دين الإسلام بثّ في متابعيه مبادئ الفوضى وأنه لا تُعقل خلافةٌ عادلة (في نظره) إلا إذا كان صاحبُها مغلولَ اليدين يمتثل لكل خارج ويغضّ النظر عن كل متشبّه، ولا يذب عن الجامعة من يعتدي عليها. ثم عاد في صحيفة 31 وصحيفة 32 إلى إبطال انعقاد الإجماع في الإسلام على الخلافة بما يؤول إلى أن سكوتهم إنما كان عن تقية وخوف، وهي قولةٌ لبعض الروافض في اعتذارهم عن سكوت علي - رضي الله عنه - وأمثاله للخلفاء الثلاثة قبله، وسخافته ظاهرة.
هذا حاصلُ ما يتعلق بالرد على مواضع الزلل من كلام مؤلف "الإسلام وأصول الحكم" في الكتاب الأول منه. وقد تعين أن نذكر الآن خلاصةً تجمع فصلَ المقال في هاته الردود، وننبه إلى ما وقع من الأغلاط في صحائف 33 - 35 - 36 - 37 - 38 فنقول:
إن الخلافة الإسلامية التي مسماها ما حددها به الإمامُ الرازي في النهاية بقوله: "هي خلافة شخص للرسول - صلى الله عليه وسلم - في إقامة الشرع وحفظ الملة على وجه يوجب اتباعه على كافة الناس" (?)، هي عبارةٌ عن حكومة الأمة الإسلامية، وهي ولايةٌ ضرورية لحفظ الجامعة وإقامة دولة الإسلام على أصلها. ومما يجب علمُه هنا أن الإسلام دينٌ مُعَضَّدٌ بالدولة وأن دولته في ضمنه؛ لأن امتزاج الدين بالدولة وكون مرجعهما واحدًا هو ملاكُ قوام الدين ودوامه، ومنتهى سعادة