وبعد فهل في فعل الجفاة من الأعراب حجةٌ دينية وإثباتُ حال مسألة اجتماعية؟
دام خضوع المسلمين للخليفة مدة الخلفاء الثلاثة حتى خرج أهلُ مصر على عثمان - رضي الله عنه -، وليس ذلك الخروج إنكارًا للخلافة ولكنه خروج عن شخص الخليفة، على أن ذلك ليس من فعل مَنْ يعتد بفعله من أهل العلم وذوي الحلّ والعقد. فإن كان المؤلف يحوم بهذا التحليق حول الوقوع على مذهب طوائف الخوارج كما أرسى عليه في صحيفة 23 فقد ظهر مطارُه وعُلِم مقدارُه.
وقال في صحيفة 25: "غير أننا إذا رجعنا إلى الواقع ونفس الأمر وجدنا الخلافة في الإسلام لم ترتكز إلا على أساس القوة الرهيبة" إلخ، وقد اشتبه عليه هنا حياطةُ الخلافة بالقوة العامة لتنفيذ الشريعة على مَنْ يأباها بأخذ الخلافة بواسطة القوة، وقد كان الرسول نفسه يؤيد الدين ويذب عنه من يريد مناوأته بواسطة القوة. نعم، نحن لا ننكر أن مِنَ الأمراء مَنِ استعمل القوةَ لنوال الإمارة، إلا أن ذلك لا يقدح في ماهية الخلافة لأن العوارض التي تعرض للشيء في بعض الأوقات لا تقضي على الأصل بالبطلان.
ثم أفاض القول من صحيفة 27 إلى صحيفة 31 في بيان سبب إباية المسلمين من إقامة الخليفة إلا إذا قهرهم وغلبهم، وأن ذلك ناشئ عما عودتهم به تعاليمُ