فقال: إنما الشاعرُ المطبوعُ كالبحر، مرةً يقذف صَدَفَه، ومرة يقذف جِيَفَه". (?) فكأنه اعترف بسخافة ذلك، وذلك لا يقدح في حصافة شعره، إذ قد تَعْرِضُ للشاعر مقاماتٌ يرتكب فيها السخيفَ لمناسبة المقام.

وبعد، فكفَى المرءَ نبلًا أن تعدُّ معايبه. على أن لبشار في بعض شعره معاني سخيفة وضعفًا في بعض أبياته، وذلك لا يقدح في فحولته، مثل قوله:

هِيَ الرُّوحُ مِنْ نِفْسِي وَلِلْعَيْنِ قُرَّةٌ ... فِدَاءٌ لَهَا نَفْسِي وَعَيْنِي وَحَاجِبِي (?)

فقوله "وحاجبي" زيادةٌ ركيكة ما أتى بها إلا لتكلف القافية، وذلك من العِي.

وأما انتقادُ بعض شعر بشار من جهة ما فيه من المفاحشة في الهجاء، فذلك انتقادٌ راجع إلى الأخلاق لا إلى الصناعة. وقد كانوا في عصرهم ذلك يستبيحون مثلَه في الإقذاع بالهجاء، ولكن بشارًا أفرطَ فيه وجاء بشيء ركيك. وأما انتقادهم من جهة السيرة الشعرية، ففي "البيان والتبيين" للجاحظ أن قول بشار:

وَصَاحِبٍ كَالدُّمَّلِ المُمِدِّ ... حَمَلْتُهُ فِي رُقْعَةٍ مِنْ جِلْدِي (?)

ذهب إلى قول الشاعر:

يَوَدُّونَ لَوْ خَاطُوا عَلَيْكَ جُلُودَهُمْ ... وَلَا تدْفَعُ المَوْتَ النُّفُوسُ الشَّحَائِحُ (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015