اتفق جميعُ الرواة على أنه مات مقتولًا من ضربٍ ضُرِبَه على التهمة بالزندقة. قالوا: إن المهدي أزمع الانحدار إلى البصرة للنظر في أمورها، فلما وصل البطائح مرَّ بدارٍ كان بشار على سطحها، وكان سكران، فلما أحسّ بمرور المهدي خاف أن يعرفه، فاندفع بشار يؤذن. فقال المهدي: مَنْ هذا الذي يؤذِّن في غير وقت؟ قالوا: بشار، فقال: عليَّ به، فلما مثل بين يديه قال له: يا زنديق هذا مِنْ بذائك، تُؤَذِّنُ في غير الوقت، ثكلتْكَ أمُّك! ثم أمر صاحبَ الزنادقة - وهو ابنُ نُهيك وقيل محمد بن عيسى بن حمدُويْه - فأخرجه معه في زورق. فلما كانوا بالبطيحة أمر المهدي صاحب الزنادقة أن يضربه بالسياط ضربَ التلف ويلقيَه بالبطيحة (?). فأقيم في صدر السفينة، وأمر الجلادين أن يضربوه ضربًا متلفًا، فجعلَ بشارٌ يقول كلما وقع عليه السوط: حَسِّ (كلمة تقولها العرب عند الألم)، فقال بعض الراكبين: انظروا إلى زندقته، ما نراه يحمد الله! فقال بشار: "ويلكَ! أطعامٌ هو فأُسَمِّي الله عليه؟ أثريد أحمد الله عليه؟ " (?) فلما ضُرب سبعين سوطًا أشرف على الموت، فأُلقي في صدر السفينة حتى مات، فألقوه في خَرَّارَة البطيحة، فحمله الماء إلى البصرة، فأخذه أهلُه فدفنوه، وما تبع جنازته أحد غير أمَةٍ سوداء سِنْديّة تصيح: "واسيِّداه! واسيداه! " (?).