وقوله: "تلتقي ثريا البلاغة": هكذا في بعض النسخ يلتقي (بياء الغائب)، وفي بعضها تلتقي (بتاء الغائبة). وصيغة الالتقاء تقتضي ملاقاةَ شيئين، وليس في عبارة المؤلف سوى الثريا. فالظاهر أن صواب العبارة يَلْقَى (بالمثناة التحتية المفتوحة وفتح القاف)، والضمير عائدٌ إلى "ما تَصُوبُ به العقول"، والمعنى: فهنالك يقع ذلك الصوب في منزلة الثريا فيلقاها فيغزر مطره. ويجوز أن يكون الالتقاء بمعنى التلقي مبالغة. والثريا من الأنواء الوَسْمية، أي الربيعية، أي التي يكثر الإمطارُ في زمان طلوعها في بلاد العرب (?). والمطر الربيعي يُضرب المثلُ بشدته، قال النابغة:

وَكَانَتْ لَهُمْ رِبْعِيَّةٌ يَحْذَرُونَهَا ... إِذَا خَضْخَضَتْ مَاءَ السَّمَاءِ القَبَائِلُ (?)

• "فإذا كان النثرُ بما له من تقاسيم اللفظ والمعنى والنظم اتسع نطاقُ الاختيار فيه على ما بيناه، بحسب اتساع جوانبها وموادها، وتكاثر أسبابها ومَوَاتِّها، وكان الشعر قد ساواه في جميع ذلك وشاركه، ثم تفرَّد عنه وتميز بأن كان حدُّه: لفظ موزون مقفّى يدل على معنى. فازدادت صفاتُه التي أحاط الحدُّ بها بما انضم من الوزن والتقفية إليها - ازدادت الكُلَفُ في شرائط الاختيار فيه؛ لأن للوزن والتقفية أحكامًا تُماثلُ ما كانت (?) للمعنى واللفظ والتأليف أو تقارب. وهما يقتضيان من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015