مراعاة الشاعر والمنتقِد مثلَ ما تقتضيه تلك من مراعاة الكاتب والمتصفح لئلا يختلَّ لهما أصلٌ من أصولهما أو يعتل فرعٌ من فروعهما" (?)،
تقدم أن المؤلف جلب كلام أبي الحسن ابن طباطبا في مزية الشعر، استدلالًا به على مراعاة جانب اللفظ في معيار النقد، ولأن ما ذكره أبو الحسن في الشعر يجري بعينه في النثر. و"المواتُّ" بتشديد المثناة، الوسائل جمع ماتَّة، وهي الوسيلة إلى الشيء لأنها تمت إليه، أي تمد وتتوسل، يُقال مَتَّ بقرابة أي اتصل وتوسل. ومعنى كلام المؤلف ظاهر. وجوابُ "إذا" قولُه: "ازدادت الكلف" إلخ.
• "وإذا كان الأمر على هذا، فالواجب أن يُتبيَّنَ ما هو عمودُ الشعر المعروفُ عند العرب، ليتميَّزَ تليدُ الصنعة من الطريف، وقديمُ نظام القريض من الحديث، ولتُعرفَ مواطئُ أقدام المختارين فيما اختاروه ومراسمُ إقدام المزيِّفين على ما زيفوه، ويُعلمَ أيضًا فرقُ ما بين المصنوع والمطبوع". (?)
تخلص هنا إلى تخصيص بحثه بالشعر، وهو المقصود من هذه المقدمة. ولذلك سيقول فيما يأتي: "فهذه سبعة أبواب هي عمود الشعر". وقد نبهنا آنفًا على أن هذه الفقرات تشير إلى الهيئة المشبهة بهيئة السحاب والمطر في قوله آنفًا: "فهنالك يلقى ثريا البلاغة فيمطر روضها" إلخ.
و"المصنوع" هو الشعر الذي أُدخل فيه ما يُسمى عند أهل الفن بالصَّنْعة، وهي التهذيبُ والتنقيح للشعر، وإبداع المحاسن البديعية واللطائف اللفظية. فكان علمُ أصحابه مكتَسبًا بالصنعة، أي أن يعمدوا إلى القواعد والنكت وصور الأمثلة التي تلقوها بالتعلم، فيراعوها في منشآتهم بالتروِّي والتثقيف، فيكون شعرُهم كالشيء